عندها ينطق الألم (1)
عندها ينطق الألم (1)
خديجة وليد قاسم ( إكليل الغار)
عندما يصبح الظالم مظلوما ، و المظلوم ظالما ، و يصدّق الكاذب و يكذّب الصادق ، و يشد الناس على يد الجاني ، و يدوسون المجني عليه بصلافتهم و خبث نفوسهم و جهلهم .. عندها ينطق الألم ..
عندما تكثر سهام الغدر و تحدق بك من كل جانب ، و يتخلى عنك أقرب الأحبة و يجافيك أكثر الصحبة .. عندها ينطق الألم ..
عندما تسير في دربك حاملا دفقات الحب لمن حولك .. مقدما لهم دفء قلبك بكل ما فيه من مشاعر صادقة و عواطف جياشة ، مترنما بأعذب أغاني الصدق و الوفاء والإخلاص ..فيقابلك عزف الكره البغيض مرسلا نغماته النشاز كحبل غليظ يلتف حول عنقك يسلب منك دفقات الحب و الأمل... عندها ينطق الألم
عندما تسقي زهور الخير بدموع عينيك ، و تلامس مشاعرها براحة يديك ، و تراقبها بلحظ مقلتيك ، و تدفئها بدفء قلبك كأم رؤوم تحنو عليها و تدفع عنها الأذى .. و في لحظة غادرة تمتد أرجل الشر لتسحقها دون رحمة و لا شفقة .. عندها ينطق الألم ..
عندما تترعرع في بساتين الطيبة و تتغذى على صدق العواطف و جميل مشاعرها بلا خداع و لا خبث و لا دهاء .. ثم تفاجأ بالكم الهائل من الأشواك الحاقدة تتناثر هنا و هناك في طريقك .. عندها ينطق الألم ..
عندما تقدم للناس الياسمين و الرياحين ، فيقذفونها في وجهك و يتبعونها بحجارة غيظهم و حقدهم يتبارون في رجمك بها بكل غل و قسوة ... عندها لا ينطق الألم و حسب
بل ينطلق ألف سؤال وسؤال يعبر عن حيرتك و دهشتك من العجب الذي ترى و لا تستطيع تفسيره ...
عندما ... و عندما ... و عندما .....
ستدرك أنك لن تنطق بالألم .. لأنه سيرتد إليك صدى باهتا حزينا .. هائما حائرا في عالم يعج بالذئاب .. عالم مترع بسهام الغدر تتناوشك من هنا و هناك ..عالم تتوارى فيه حمائم السلام حزينة باكية حيث لم يعد لها مكان فيه ، و لا حياة تليق بصفائها و طهارة قلبها ..
عندها لن ينطق الألم ..... بل سيصرخ علّ صوته يوقظ البعض من سباتهم ... لتنمو أزهار الخير و الحب من جديد ..
ومضة :
عندما يتغلب الألم ، و يتغلغل في نفوسنا .. يصبح كسم زعاف يسري في جسدنا ليسلب منا الحياة
فإن لم نتداركه قبل فوات الأوان .. كانت تلك نهايتنا
فلنبادر إلى نزع هذه السموم لنقضي عليها قبل أن تقضي علينا ...