علمني الربيع العربي (2)

عبد المنعم إسماعيل

علمني الربيع العربي: بأن أهمية الدعوة للكليات الجامعة وبخاصة مفردة الأمة والدين، واحتواء فكرة الجماعة والحزب والقبيلة؛ لأنها جميعًا تمثل مفردات المكوّن العام للأمة أو للدولة فالمحاضن الكلية علاج من الأحاديات ومن المذهبية المعاصرة وهي سبيل قويم لا ينفك عراه ولا يخيب منتهاه ولا يذبل غرسه ولا يهرم بنائه. علمني الربيع العربي أن تغيير الواقع لا يكون بالاستغراق في ذكريات التاريخ دون بذل الوسع في تحقيق النموذج الواقعي بضرب المثل في تحقيق القدوة. علمني الربيع العربي أن حركة الواقع تبع لحركة التاريخ، وأن التاريخ لا يجامل المستضعفين لضعفهم، ولا ينقلب على الخصوم إلا بامتلاك ناصية القوّة الداعمة لحركة الإصلاح بالصلاح. إن التاريخ لا يكذب وإن خصوم الأمس العقديين لا يصبحون أولياء لمجرد الشراكات الدنيوية المتغيرة التي تخضع لأهواء المتنظمين للمكونات الموجودة لطرفي التدافع. إن كل بناء لأي كيان إصلاحي لا يحقق الشمولية في البناء الجماعي للأمة يساعد على تكوين جيل من الانهزاميين أمام بغي الخصوم الممنهج. علمني الربيع العربي أن سرعة أسباب التلاقي مع الخصوم في مفردات المصالح البينية يكون سببًا في سرعة الانهيار وإعادة تكوين النظم البالية. علمني الربيع العربي أن الاعتماد على العوام في حراسة النجاحات هو أسرع طريق لعودة النظم المقالة من الأبواب الخلفية. علمني الربيع العربي أن عشوائية البناء الجماعي للأمة سببا رئيسًا في تكوين خلايا الانزواء الحضاري للحركة الإسلامية المعاصرة. علمني الربيع العربي أن صدام الحركة الإسلامية مع ذاتها حين لا تواكب المثلية مع التاريخ والواقع والمستقبل يجعل منها صيدا ثمينا للخصوم، وحينها لا ينفعها استعجال تحمل المسؤوليات أو تأخير المواجهة مع المراجعات قبل السقوط في آليات ردود الأفعال الاستهلاكية أو الاستنزافية للطاقات. علمني الربيع العربي أهمية منهجية المراجعات الفكرية لمحدثات الفهم المعاصر للقضايا المعاصرة حتى لا نقدّس العقول الغير مقدسة ونفضلها على الثوابت المقدسة، ومن ثم الصراع الداخلي أو الصدام البيني نتيجة الغلو أو التفريط في آليات يمكن لها أن تتوافق أو تعيش التضاد.

وسوم: العدد 788