صفحات من تاريخ جماعة الإخوان المسلمين ـ٣ـ
عقبة ما قبل الانتماء ..
ما زلت أتحدث عن عام ١٩٦٤..
ولم تكن فكرة وجوب العمل الجماعي المنظم للتعاون على البر والتقوى موضع نقاش طويل بين مجموعة من الفتيان يصنفون حسب المعايير الدولية اليوم على أنهم أطفال.
كنا مجموعة من الطلاب في الأول الثانوي في ثانوية المأمون تلقينا دعوات متعددة للالتحاق بجماعة الإخوان المسلمين ، فرحنا نناقش الدعوة بطريقة واقعية وعملية ومن كل أبعادها .
أعجب اليوم حين أستمع لبعض الناس يتفاخرون أنهم لم يعملوا يوما ضمن فريق فلم ينضموا إلى تجمع ولا جماعة ولا حزب لخدمة مشروع عام يؤمنون به . في تصوري أن الفخر بهذه السلبية فاقدة السند الشرعي والعقلي هي نتاج ما كرسه الاستبداد والخوف والريبة في مجتمعاتنا العربية .
كان أخطر قضية واجهناها ونحن فتية صغار هي : كيف نعمل في إطار جماعة لا نعلم من هم القائمون عليها ؟ وكيف سنفعل لو أن هؤلاء الأشخاص المتلفعين بالسرية اتخذوا قرارات أو ساروا في طريق لا نقبله ولا نرضاه ..
تخوفات حقيقية كثيرا ما تذكرناها مع ما عايشنا من تقلب الظروف والأيام ..
وكانت الطريقة التي أقنعنا بها بَعضُنَا أو أنفسنا هي أن هؤلاء الأشخاص يعملون على عين من علماء ثقات معروفين، هم موضع ثقة الجميع في كافة المحافظات السورية . كنّا نذكر أسماءهم ونعتد بهم وقد تمت استشارة بعضهم في العرض المطروح فكان الإيماء بالإيجاب والتشجيع .
وبالفعل فقد ظل هؤلاء العلماء مرجعا عمليا للملاحظات الخاصة لجيل الشباب ، حيث كانت ملاحظاتهم تجد دائماً الأذن الصاغية ...
لقد كان دور بعض هؤلاء الضامنين في تاريخ الجماعة الذي عايشته مهما وضروريا وأساسيا.
أكتب اليوم بعد نحو ستين سنة ولكنه لم يكن منظما" منصوصا عليه في النظام الأساسي ، ولم يكن حاضرا دائماً أو حاضرا في الوقت المناسب.
وقد اتخذت قرارات مصيرية في تاريخ الجماعة بعيدا عن رأيهم ومشورتهم الحقيقية. وسيكون لبعض هذه الحالات صفحاتها المفردة .
ربما الذي أستطيع تسجيله في هذه الصفحة أن الذين آلِ إليهم أمر هذه الضمانة بفعل تعاقب الأجيال أعفوا أنفسهم في العقد الأخير من هذه المسئولية مما كان له ما حق للفتيان الصغار سنة ١٩٦٤ أن يتخوفوا منه.
وسوم: العدد 788