الاعتدال.. راحة بال
اعتدال الزوجين في كل شيء يجعل زواجهما أقرب إلى النجاح، وأبعدُ عن الإخفاق؛ بينما المبالغة في أشياء كثيرة تُهدد زواجهما وتجعله أقرب إلى الفشل، وأبعد عن الاستقرار.
فالمبالغة في الإنفاق دون حاجة حقيقية: إسراف، والإسراف خروج عن الاعتدال، ويُهدّد ميزانية الأسرة واستقرارها، ويكون سببًا من أسباب النزاعات في المستقبل.
والمبالغة في هواية من الهوايات كثيرًا ما تأتي على حساب حاجات أساسية لها أولوية الإنفاق والاهتمام، وتكون هذه المبالغة سببًا في نزاعات كثيرة بين الزوجين.
والمبالغة في الزيارات، وخاصة حين يقوم بها أحد الزوجين دون مصاحبة الآخر، ينتج عنها تقصير في أداء كثير من الواجبات والحقوق تجاه الزوج الآخر خاصة والأسرة عامة.
بل حتى المبالغة في الحب والبغض مخالِفة للاعتدال، ولقد أوصى النبي ﷺ بالاعتدال فيهما، فقال: (أحبب حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغِض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما) صحيح الجامع.
إن الاعتدال مطلوب من كلا الزوجين، وعليهما أن يتخلّقا به، وأن يُربيا أولادهما عليه، فإذا وجدا أحدهم يتجاوز الاعتدال في أي شيء، فإن عليهما أن يمنعاه منه، ويشرحا له أن الإسلام يأمرنا بالتوسّط في كل شيء، بدءًا من العبادات، وانتهاء بالهوايات، ومرورًا بالإنفاق.
فمثلًا إذا لاحظا أحد أبنائهما مهملًا نفسه، غير مهتم بجمال لباسه ونظافته، منصرفًا عن تناول طعامه، بدعوى الزهد في الدنيا، فإن عليهما أن يشرحا له أن الإسلام لايأمر بهذا، ويذكُرا له حديثه ﷺ: (إن الله جميل يحب الجمال) صحيح مسلم،
وحديثه ﷺ: (إن الله نظيف يحب النظافة)،
ومارواه أبو الأحوص الجشمي عن أبيه قال: رآني رسول الله ﷺ وعليّ أطمار _ثياب مبتذلة_ فقال: (هل لك من مال؟) قلت: نعم، قال: (من أي المال؟) قلت: من كل المال.. قد آتاني الله عز وجلّ من الشاء والإبل. قال ﷺ: فلتُرَ نعم الله وكرامته عليك) صحيح الجامع.
وإذا كان أحد أبنائهما يُسرف في صَرف ماله، وشراء ما يحتاجه وما لايحتاجه فليُذكِّراه بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا) (29﴾ الإسراء،
وحديثه ﷺ: (ما عالَ من اقتصد) صحيح الجامع.
وأن على الإنسان أن يقتصد ويدّخِر شيئًا من ماله.
وإذا كانت له هواية يصرف اهتمامه كله لها، وتشغله عن صلاته ودراسته، فإن عليهما أن يوضحا له خطأ هذا، ومخالفته لشرع الله، ويذكُرا له أنه ينبغي أن يُقدِّم صلاته على كل شيء، ولايشغله عنها شيء، ثم دراسته التي لابد منها، فهي من العلم النافع الذي أمر به النبي ﷺ وحثّ عليه.
هكذا تنجح الأسرة _بتوفيق الله_ في تحقيق الاعتدال في حياتها، وأعمالها، وشؤونها جميعها.
وسوم: العدد 791