الكِبْر: بين أخلاق العامّة ، وأخلاق الساسة !
التكبّر: نقصٌ في الأخلاق ، يمارسه صاحبه ، لتغطية نقص آخر ، فيفعل فيه الكبّر ، مالم يفعله النقص الأول ؛ إذ يُسقطه ، في نظر الناس ، من حيث أراد ، أن يرفع نفسَه فوقهم !
فالكبْر: من أخطر أمراض القلوب ، وأشدّها أذى ، للمتكبّر، أوّلاً ، وللآخرين ، الذين يمارَس ضدّهم ، ثانياً!
والمتكبّر: صفة ، من صفات الله ، التي وصف بها نفسّه ؛ فالكبرياء له ، وحدَه !
قال عزّ وجلّ : (ولَه الكبرياءُ في السمواتِ والأرضِ وهو العزيزُ الحكيم) .
وفي الحديث الشريف ، قال الله عزّ وجلّ : (الكبرياءُ ردائي ، والعظَمةُ إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما، ألقيتُه في النار ) !
وقال رسول الله :
(لا يدخل الجنَّة من كان في قلبه مثقال ذرَّة من كِبر! فقال رجلٌ: إنَّ الرَّجلَ يحبُّ أن يكون ثوبُه حَسنًاً، ونعلُه حَسنة؟ قال: إنَّ اللَه جميلٌ يحبُّ الجمال، الكِبْر: بَطرُ الحقِّ وغَمطُ النَّاس) ! (
,f)وبواعثُ الكبْر وأسبابُه ، كثيرة ، منها :
كبّرُ المال : وهو الناجم ، عن تكبّر الغنيّ ، على العباد ، بسبب غناه ، وفقرهم !
كبْرُ القوّة ، بأنواعها : قوّة الجسم ، وقوّة القبيلة ، وقوّة السُلطة ..!
كبْر الجَمال : وهذا يخصّ النساء ، غالباً ؛ كأن تتكبّر المرأة الجميلة ، على قريناتها ، بسبب الجمال ، الذي وهبَها الله ، إيّاه !
كبْر النَسَب : وهو الكبْر، الذي يُظهره ذو النسب العريق ، تجاه الآخرين ، ذوي الأنساب الضعيفة !
كبْر العلم : وهو أخطر أنواع الكبْر، وهو الذي يدفع صاحبه ، إلى التكبّر، على الناس ، لأنه اكتسب شيئاً من العلم ، لم يُتَح لهم مِثلُه ! وخطورة هذا النوع من الكبر ، تكمن ، في باعثه ، وهو العلم ، الذي هو مظنّةُ التواضع ؛ إذ قال الله ، عزّ وجلّ ( إنّما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ .. ) ! وخشية الله ، الصادقة ، تتناقض ، مع نزعة الكبر، بل هي تَنسف هذه النزعة ، نسفاً ، من صدر صاحبها !
ويبقى السؤال : هل للكبّرعلاقة بالسياسة ؟
ولدى ملاحظة الحالات ، السائدة ، لدى أكثر المشتغلين بالسياسة ، يكون الجواب ، هوالتالي :
طلبُ السياسي للمنصب ، يدعوه إلى التواضع .. والحصولُ على المنصب ، يدفعه إلى التكبّر!
وهذا معروف ومشهور ، في الانتخابات ، عامّة : النيابية ، والبلدية ، وغيرها ! ففي أوقات الانتخاب ، حين يكون المرشّح للمنصب ، بحاجة إلى أصوات الناس ، يكون من أشدّ الناس تواضعاً ! وحين يحصل على المنصب ، يتحوّل إلى شخص آخر: متكبّر، متعجرف ، يدفع الناس الذين أيّدوه وانتخبوه ، عن باب مكتبه، وباب بيته ، بحجج مختلفة ، منها : كثرة الأشغال ، ومتابعة المهمّات الرسمية ، ونحو ذلك..إلاّ مَن رحم الله !
ولله في خلقه شؤون !
وسوم: العدد 792