القيادات الدينية والثقافية وتحديات الأمن البشري
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا ورسولنا الهادي البشير محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه .. والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين.. وبعد:
فإنه بين يدي هذا الأمر الجليل .. أحسب أن من الموضوعية بمكان, ونحن نعيش في خضم الأحداث المتسارعة على المستويات الإقليمية والدولية,أن نطرح على القيادات الدينية, والفكرية, والسياسية جملة من الأسئلة منها :
1. ما هي قراءة القيادات الدينية والثقافية لما يجري في العالم اليوم ..؟
2. ما هي أسبابه ودوافعه .. ؟
3. ما موقف القيم الدينية والثقافية منه ..؟
4. ما هو الأمر الجوهري والملح المطلوب من القيادات الدينية والثقافية لتصحيح المسار الحضاري العالمي ..؟
5. كيف نستطيع عبر القيم الدينية والثقافية أن نواجه التحديات الصعبة التي يواجهها العالم اليوم ..؟
إنني أدرك, كما يرك غيري من المهتمين بشأن الحالة الكونية المتردية.. أنها أسئلة صعبة ومعقدة.. ولكن أحسب أن لا مفر من التعامل معها.. وأن من واجب القيادات الدينية والفكرية والسياسية تجاه ربهم سبحانه, وتجاه أجيال البشرية جمعاء, وقد حملنا ربنا جلّ شأنه جميعًا أمانة الاستخلاف في الأرض, وأناط بنا شرف مهمة عمارتها وإقامة الحياة الآمنة للناس جميعًا.. والتزماً بذلك وبين يدي الإجابة على مثل هذه الأسئلة السالفة الذكر, أستطيع أن أقول وباختصار شديد أن ما يجري في العالم اليوم من مخاطر إنما مرده إلى :
اختلال كبير في القيم والأخلاق. اضطراب شنيع في معايير العدل. انتهاك لقيم الأخوة الإنسانية . تنامي نزعة الأنانية والجشع على حساب حقوق الآخرين ومصالحهم وتجاهل وجودهم ومقومات كرامتهم . غياب أو تغييب فعاليات القيادات الدينية والثقافية في المشاركة في مسؤوليات البناء التربوي المتوازن للأجيال, ومن المشاركة الفعّالة في حركة الأداء الحضاري لتحقيق مصالح المجتمعات .
والأمر الأساس والملح, من أجل تصحيح المسار العالمي المنذر بالخطر الشديد, مبادرة القيادات الدينية, والفكرية,والثقافية, والسياسية إلى :
تدارس الخطر الشديد الذي يهدد أمن المجتمعات البشرية. تحديد أسباب بسبب تدهور الأمن العالمي. وضع ميثاق قيم عالمي مشترك. عقد قمة عالمية للقيادات الدينية والثقافية والسياسية في إطار الأمم المتحدة لتدارس الميثاق واعتماده. تكوين مجلس دائم للقيادات الدينية والثقافية في إطار الأمم المتحدة تحدد صلاحياته بالتشاور المشترك مع القيادات السياسية. تأصيل وتوسيع ثقافة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات . التأكيد أن الحوار بين أتباع الأديان والثقافات لا يعني أن يتخلى أحد عن هويته الدينية أو الثقافية , إنما هو السبيل الأفضل للتعارف من أجل : تأكيد الأخوة الإنسانية. تأكيد وحدة الأسرة البشرية وتكامل مصالحها . احترام كرامة الإنسان وسلامة البيئة . تأكيد العدل أساسًا راسخًا للأمن والاستقرار والتنمية. تأكيد حق تمتع الجميع بثروات الكون على أساس من احترام حق التملك. المرأة والرجل شريكان متكاملان في تحمل مسؤوليات الحياة. إعادة التوازن بين الحقوق والواجبات في عملية التكوين التربوي للأجيال. التأكيد بأن العالمية والعولمة أمران متلازمان, لا يصح بحال الفصل بينهما, فالعالمية بدون عولمة راشدة تبقى آمال وطموحات, والعولمة بدون عالمية عادلة تتحول إلى عبثية ودمار. التأكيد بأن العنف والإرهاب ظاهرتان عالميتان مصدرهما اختلال معايير العدل, وخروج على المفاهيم الدينية والثقافية.
وختاناً .. إننا في المنتــدى الإسلامي العـــالمي للحوار, نؤكد أن من واجب القيادات الدينية,والفكرية, والسياسية, أن تراعي الاختلافات الجارية بين أتباع الديانات والثقافات, وأن تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الدينية والثقافية للمجتمعات البشرية, ومن ثم العمل معًا لاستكشاف المشترك الثقافي الإنساني. من أجل أن نسير معاً بسلام ووئام على أساس من إرادة الله تعالى وطاعته, ووفق تعاليمه الخالدة, ليتحقق تعايش عادل وآمن بين المجتمعات .
الأستاذ الدكتور حامد بن أحمد الرفاعي
رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار
أستاذ في جامعة الملك عبد العزيز سابقًا
وسوم: العدد 798