( إلاّ متحرّفاً لقتال أو متحيّزاً إلى فئة ) ! فإلى أيّة فئة تتحيّز؟
طرحت سؤالاً ، على صفحة فيسبوك ، هذا نصّه : أيّ الفئات ، في سورية ، يجب أن يتحيّز إليها ، المقاتل المؤمن ؛ انطلاقاً ، من قوله تعالى : (إلاّ متحرّفاً لقتال أو متحيّزاً إلى فئة) ! فجاءت إجابات متنوّعة ، من فضلاء مثقّفين ، نحسبهم مخلصين: لدينهم، وأمّتهم، ووطنهم !
من أهمّ الإجابات : ليس في سورية ، فصيل واحد ، يمكن ، أن يتحيّز المرء ، إليه !
فكتبت هذه السطور، مخاطباً الأخ الكريم ، صاحب هذه الإجابة ، وأنا أقصد توجيهها ، إلى الجميع ، راجياً ، أن يجعل الله ، في ذلك ، خيراً ، في الدنيا والآخرة !
لقد تكالبتْ علينا ، ذئابُ الأرض ، من كلّ ملّة ! حتّى كلابُ بلادنا ، صارت ذئاباً ، تستبيح الدماء والأعراض ! فهل أتباع محمّد – جميعاً- في الشام ، لم يعد فيهم خير، ولم يَعد يجدي ، فيهم ، سوى سنّة الاستبدال: ( وإنْ تتولّوا يَستبدلْ قوماً غيرَكمْ ثمّ لايكونوا أمثالَكم) ؟ أم أنّ الخيرَ موجود ، في بعض الفئات ، ولو كان لديها أخطاء ،لا تنسف الإيمان – فقد وُجدت الأخطاء ، في جيوش الفتوحات الأولى ! - وبالتالي؛ لا بدّ من الانحياز، إلى الفئة الأفضل ، أو الأقلّ سوءا ً؛ دفاعاً ، عن : النفس والعِرض والأرض.. ومَن قُتل ، دون أيّ منها ، بنيّة خالصة لله ، فهوشهيد ! وحتىّ لو كان الانحيازُ قلبياً – بالدعاء - وبذل مايستطاع ، من الكلام النافع ، أو المال !
وقد تشكّل جيش كبير، تحت مسمّى (الجيش الوطني) ، بإشراف تركي ، ونظن خيراً ، به ، وبالجهة التي أشرفت ، على تشكيله وإعداده ! ونظنّه مخلصاً ، بجملته : قيادة وجنوداً ! كما نظنّ الجهة ، التي أشرفت ، على تشكيله وإعداده ، تتحلّى بالكثير، من الإخلاص ، لقضيتنا السورية ، التي تُعَدّ قضيّة لها ، حتّى داخلَ بلادها ، وهي تخوض ، بجدارة ، صراعات شرسة ، ومعقّدة : عسكرياً وسياسياً ، مع قوى دولية ضخمة ، ومتعدّدة .. للمحافظة ، على أمنها : الداخلي والخارجي ، وعن مصالح الشعب السوري ، المرتبطة بأمنها ، بصورة مباشرة !
والجيش الوطني الحرّ ، هذا ، قد تمّ تشكيله ، من أكثر المحافظات السورية ، فيما نعلم ، ومن أكبر الفصائل السورية المعتبرة ، ومن أقواها ، ومن أكثرها خبرة ، ومن أحسنها أخلاقاً ، بشكل عامّ ! وهو يمثّل أكثر شرائح الشعب السوري ، غير الضالّة ، أوالمنحرفة : عن ولائها للوطن ، أوانتمائها إليه !
وقد خاض هذا الجيش الحرّ ، تحت إشراف تركيا ، معارك ناجحة ، أفادت الشعب السوري ، فوائد جمّة ، من أهمّها : درع الفرات ، وغصن الزيتون ! وأثبت كفاءة عالية ، في القتال ، وإخلاصاً كبيراً ، لقضيته السورية !
ولا يمكن – بالطبع - تبرئة جيش كامل ، من الأخطاء الفردية ، التي يرتكبها جاهل ، أو أحمق ، أو انتهازي ، ممّن لايخلو منهم ، جيش في العالم ! إلاّ أن الأخطاء ، التي وقعت ، وسُجّلت ، معدودة ، ومحدود ، بأشخاص قلائل ، أوفئات قليلة ! وقد تمّت ، فيما نعلم ، معالجة بعضها ، ومعاقبة بعض ، ممّن ارتكبها ! وهي ، في كلّ حال ، لم تؤثّر، في سمعة الجبهة الوطنية ، أو الجهة التركية ، المشرفة عليها !
هذا ماعلمناه ، ولا نزكّي ، على الله ، أحداً ، ولا نقوم بدعاية، لأحد ؛ فما هذا من شأننا ! لكن المصير المشترك ، لشعب سورية ، كلّه ، يفرض ، علينا ، تحديد مواقف ، نراها أقرب إلى الصواب ، من غيرها ؛ فلا أحد يملك الصواب المطلق ، في الاجتهاد البشري ! ويُعَدّ الاعتزال ، الذي يؤثره بعض الأشخاص ، موقفاً ، كذلك ! وسبحان القائل: ( ولكلٍّ وجهةٌ هوَ مُولّيها فاستبقوا الخيرات ) .
ولو ناقشنا كلّ فئة ، في موقفها ؛ لطال الحديث ، واستغرق صفحات كثيرة !
فإذا كانت جبهة وطنية ، كهذه ،لا تستحقّ التحيّز، إليها ، في قتال مصيري شرس، مفروض، على شعب سورية ، كلّه .. فإلى أيّة جهة ، ينحاز المؤمن المخلص ؛ ولو بقلبه : بالدعاء .. وببذل ما يستطاع ، من المال ، أو الكلمة الطيّبة ، التي (أصلُها ثابت وفرعُها في السماء تؤتي أكلَها كلّ حين بإذن ربّها..) !؟ أمّا مّن أصرّ ، على ألاّ يتعامل ، إلاّ مع الملائكة ، فقد يجد أفراداً نادرين ، من البشر، لديهم أخلاق ملائكية ، يمكنه التعامل معهم ! لكنّ التجمّعات البشرية الكبيرة ، لا تسير بأخلاق الملائكة ! ولا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعَها !
ونؤكّد ، بأن الكلام ، كلّه ، هنا ، إنّما هو: عن أفضل السبل ، لإنقاذ الشام ، وأهل الشام ، من البلاء الرهيب ، الذي يعاني منه الناس، في الشام.. بصرف النظر،عن أيّة توجّهات سياسية !
وفي الحديث : اعملوا ؛ فكلٌّ ميسّرٌ لِما خُلق له !
وسوم: العدد 806