تعديل الأنساق المتداخلة ، وتعديل كلّ نسق ، على حِدَة : مهمّات مَن ؟
الأنساق: الدولي والإقليمي والمحلّي، متداخلة ، بقوّة ، وزمامُها بيد العدوّ، والنُخب الإسلامية مشتّتة ، ولا تُجمعُ على رأي! فما العمل ؟
لكلّ فرد ، نسقُه الخاصّ : إنساناً عاقلاً ، مدركاً.. لديه نظام خاصّ لحياته ، وعناصرُ وراثةٍ، تحدّرت إليه ، من أسلافه ، وعقيدة توجّهه وتضبط سلوكه ، وعلومٌ حصّلها ، من المدرسة والجامعة ، وثقافة تجمّعت ، في وعيه ، من طفولته وشبابه ، وطموحاتٌ يسعى إلى تحقيقها، وعناصر قوّة وضعف ، تؤثّر في حياته : إيجاباً وسلباً ، وشبكة علاقات : اجتماعية وسياسية ، مع الآخرين ..!
فهو: بهذا ، كلّه ، يُعَدّ نسقاً قائماً ، بذاته ! وهو: محورُ الأنساق ، المحيطة به ، جميعاً ! وتعديلُ نسقه ، يؤثّر، مباشرة ، وغير مباشرة، في تعديل الأنساق ، المحيطة به ، نحو الأحسن، أو الأسوأ !
وهو: المكلّف الأوّل ، بتعديل نسقه ، بما لديه ، من وعي وإرادة ، مستعيناً ، بما حوله ، من إمكانات الآخرين ، ومن ظروفٍ مساعدة !
كما أنه ، يمكن أن يُسهم ، في تعديل أنساق الآخرين ، ممّن حوله ، من : أهل ، وأصدقاء، وزملاء في مؤسّسة ، و شركاء : في عمل نقابي ، أو سياسي : حزبي ، وغير حزبي !
وقد قال تعالى : إنّ الله لايغيّر مابقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم !
وإذا كان الفرد مسؤولاً، في الدنيا والآخرة ، عن تعديل نسقه .. فكلّ تجمّع بشري ، مسؤول، بصورة جماعية ، عن تعديل نسقه ؛ سواء أكان: أسرة ، أم قبيلة ، أم حزباً، أم مجتمعاً متكاملاً !
ومهمّة الفرد ، في نسقه ، مكافئة ، لإمكاناته الفردية ، والظروف المساعدة له : في نسق واحد، أو أنساق عدّة ، محيطة به ! فمهمّة العاقل ، تختلف عن مهمّة الأحمق ، ومهمّة العالم ، تختلف عن مهمّة الجاهل ، ومهمّة العظيم في قومه : اجتماعياً أو سياسياً ، تختلف ، عن مهمّة الفرد العادي !
والمجتمع البشري ، بأنساقه ، كلّها ، ينطبق عليه ، حديث السفينة ، الوارد ، عن رسول الله : مَثلُ القائم على حدود الله ، والواقع فيها ، كمثل قوم ، استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها ، وبعضهم أسفلَها .. فكان الذين في أسفلها ، إذا استقَوا ، من الماء ، مَرّوا على من فوقَهم ، فقالوا لو أنّا خرقنا ، في نصيبنا خرقاً ، ولمْ نؤذِ مَن فوقَنا! فإن تركوهم ، وما أرادوا، هلكوا، جيمعاً ، وإن أخذوا ، على أيديهم ، نجوا ، ونجوا ، جميعاً ! (رواه البخاري) .
وهنا تأتي ، مهمّة الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر، التي كُلّف بها ، كلّ مجتمع ، بحسب مافيه ، من عقلاء مخلصين !
قيل : يارسول الله ، أنهلك ، وفينا الصالحون ؟ قال : نعم ؛ إذا كثُر الخبَث !
وقد أخبر القرآن الكريم ، عن قوم ، من بني إسرائيل ، أنهم كانوا، لا يتناهون، عن منكر فعلوه، فقال عنهم ، جلّ شأنه :
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ
هذا ، فيما يتعلّق ، بالنسق المحلّي ، في كلّ مجتمع ، أودولة ! أمّا الأنساق ، المحيطة بهذا النسق ، من إقليمي ودولي ، فتتأثّر، بهذا النسق المحلّي ، وتؤثّر فيه ، بحسب قوّة كلّ منها ، وقوّة تأثيره ، في غيره !
فالأنساق السائدة ، في الدول العظمى ، تأثيرها ، في الأنساق : الدولية والإقليمية والمحلية ، أقوى ، من تأثير الأنساق السائدة ، في الدول الصغرى ، أو المتخلّفة .. وهكذا !
وسوم: العدد 809