العقلاء : يحاوَرون بالمبادئ والمصالح .. والحمقى : لايحاوَرون بشيء !
أصحاب المبادئ : يحاورهم العقلاء ، بمبادئهم ، وهي مختلفة متنوّعة :
مبادئ دينية : ومبادئ إلحادية ، ومبادئ قومية ، ومبادئ وطنية .. وغير ذلك !
أمّا حساب المصالح ؛ فله شأن آخر! وهي مختلفة ، متنوّعة ، كذلك : مصالح شخصية ، ومصالح قبَلية ، ومصالح حزبية ، ومصالح وطنية ..!
أمّا المصالح الفنّية ، التخصّصية ؛ فيتحاور فيها ، المتخصّصون بها : سياسية كانت ، أم عسكرية ، أم مالية ، أم اجتماعية ، أم قانونية ..!
وعلى سبيل المثال :
الفاهم للشرع الإسلامي ، وهو عارف ، بحساب المصالح .. يحاوّر، في حساب المصالح ، على ضوء الشرع ! والجاهل بالشرع ، وهو قادر، على حساب المصالح .. يحاور، من خلال المصالح ! والجاهل بحساب المصالح ، وهو عالم بالشرع.. يحاوّر بالشرع ! أمّا الجاهل بالشرع، وحساب المصالح ، معاً ، فهو كارثة حقيقية ، على الأمّة ؛ إذا فهم عقيدته ، بصورة مغلوطة ، وتمسّك بفهمه ، وأصرّ، على فرضه ، على الناس ، بقوّة السلاح ، دون أدنى حساب ، للمصالح والمفاسد ! وكلّما قوي إخلاصَه ، لفهمه المغلوط ، للشرع ، وتمسّكُه به ، ازداد شراسة وعنفاً ، حتى صار أقسى ، على الأمّة ، من أخبث أعدائها ، وأشرسهم !
وقد كان تفاهم المسلمين ، مع أعداء الأمّة ، من اليهود والنصارى ، في بعض المراحل ، من تاريخ الأمّة .. أيسرَ، من تفاهمهم ، مع الخوارج !
مثلان : (1)
قصّة واصل بن عطاء ، مع الخوارج ..
واصل بن عطاء ، مؤسّس مذهب الاعتزال ، عرف طريقة الخوارج ، في التفكير؛ ولا سيّما شراستهم ، في معاملة المسلمين ! وقد كان ، مرّة ، في طريق ، مع بعض تلاميذه ، فاعترضهم بعض الخوارج ، فخاف التلاميذ ، فطمأنهم واصل ، وطلب منهم الصمت ، ليتفاهم ، هو، مع الخوارج ! وحين سأله الخوارج ، عن نفسه وتلاميذه ، أجابهم بسؤال : أتقتلون أهل الكتاب ؟ فأجابوه بالنفي ! وأرادوا تركه ، في سبيله ، فقال لهم : لا ، حتى تُسمعوني كلام الله ، ثمّ تبلغوني مأمني .. فاستجابوا له ! وكان له ما أراد ؛ إذ تولّوا حمايته ، حتى وصل المكان ، الذي يريده ! وفي ذلك إعمال لقاعدة : خاطِبوا الناسَ ، على قدر عقولهم ! فقد عاملهم ، حسب طريقتهم ، في التفكير، فنجا ، ونجا معه ، تلاميذه !
(2)
فقه ابن تيمية ، في عدم إيقاظ التتار، من سكرهم ؛ كيلا يؤذوا المسلمين :
كان ابن تيمية ، مع بعض تلاميذه ، يسيرون في بستان ، فرأوا بعض جنود التتار، يسكرون ، فأراد بعض تلاميذه ، زجرهم ، فطلب منهم ابن تيمية ، تركهم في سكرهم ؛ لأن إيقاظهم من السكر، يدفعهم إلى إيذاء المسلمين ! وتركوهم في سكرهم ، ومرّوا بسلام !
لقد تعامل ابن تيمية ، مع التتار، ضمن موازنة المصالح والمفاسد ؛ فرأى أن ثمّة مصلحة ، بتركهم سكارى ؛ كيلا يبطشوا بالمسلمين ، فتتحقّق المفسدة ، بإيقاظهم من سكرهم !
وسوم: العدد 809