البيان الختامي للاتحاد البرلماني العربي فلسطيني بامتياز .. ولكن ؟!
يمكن القول بأريحية تامة إن البيان الختامي للاتحاد البرلماني العربي في دورته التاسعة والعشرين التي انعقدت في عمان يومي الأحد والاثنين تحت شعار " القدس عاصمة أبدية لدولة فلسطين " ؛ فلسطيني بامتياز ، فكل بنوده اقتصرت على القضية الفلسطينية حقيقة وواقعا وتطلعا، ولم يكدر صفو فلسطينية البيان في بنوده الاثني عشر إلا إشارته بأن الحل النهائي المتوخى للقضية الفلسطينية يجب أن يكون وفق المبادرة العربية التي ترفضها إسرائيل ، ووصفه لإسرائيل بالدولة المحتلة لا الدولة العدو . وتغلب الاتحاد على التوجه التطبيعى لدى مصر والسعودية والإمارات حين قرر في البند الحادي عشر من بيانه " إن واحدة من أهم خطوات دعم الأشقاء الفلسطينيين تتطلب وقف كافة أشكال التقارب والتطبيع مع المحتل الإسرائيلي ، وعليه ندعو إلى موقف الحزم والثبات بصد كل أبواب التطبيع مع إسرائيل " . واتصف البيان بجرأة ليست متوقعة حين أقر في بنده السابع اعتبار " الولايات المتحدة دولة منحازة ، ولم تعد وسيطا نزيها في عملية السلام ما دامت تنتهج سياسة أحادية في قراراتها ، وغير محايدة تصب في الانحياز لصالح المحتل الإسرائيلي " . البيان مثلما قلنا فلسطيني بامتياز أرجع ولو نظريا محورية القضية الفلسطينية إلى دائرة الاهتمام العربي بعد انحساره عنها . إلى هنا وكل شيء جيد إلى حد المفاجأة في كنف التناحر والاحتراب العربي _ العربي ، ولكن ماذا عن التنفيذ ؟! تعقيد القضية الفلسطينية وصعوبتها وتعدد المؤثرات فيها تغري عادة بالاكتفاء بالكلام إلى مستوى النفاق والتفلت من المسئولية ، ولا نستبعد أن تكون بنود البيان الختامي للبرلمانيين العرب من هذا النوع ، فماذا تغير إيجابا في العرب حتى يتغير ما كان سالفا من سلبياتهم ؟! فالتطبيع الذي نُهي عنه في البيان الختامي يحدث سرا وعلنا ، والبرلمانيون لا سلطة لهم في بلادهم لكون البرلمانات العربية صورية تحل بمرسوم من رأس البلاد رئيسا أو ملكا أو أميرا ، وليست سيدة نفسها مثلما هي البرلمانات في الدول ذات الديمقراطية الحقيقية ، ولأنه من السهل المزايدة في القضية الفلسطينية بالكلام دون محاسبة أو مسئولية فإن الاتحاد لم يتطرق في بيانه إلى خلاف السعودية والإمارات والبحرين ومصر مع قطر ، ولا إلى عودة سوريا إلى الجامعة العربية وإن كانت شاركت بوفد في المؤتمر لأول مرة منذ تجميد عضويتها فيها في 2011 ، فالأمران ، الخلاف والعودة ، سيتطلبان اتخاذ موقف فعلي في حالة التعرض لهما في مناقشات الاتحاد وفي بيانه . لو كان للبرلمانات العربية تأثير على القرارات والمواقف السياسية للدول العربية لما وصل التطبيع مع إسرائيل إلى هذه الدرجة العالية في سريته وعلنيته ؛ لأنه ما من برلمان عربي يوافق على التطبيع مع إسرائيل ، والذين لا تأثير لهم في بلادهم لا تأثير لهم قطعا في تنفيذ بنود بيان وافقوا على صدوره في مؤتمر خارج البلاد ، وظل الغصن لا يستقيم إذا كان الغصن نفسه أعوج ، وحتى موافقتهم عليه ما كانت لتتم إلا بموافقة من السلطة التنفيذية في بلادهم التي تعلم أن الموافقة لا تأثير لها على سياستها وتوجهاتها ، فلماذا تظهر نفسها مخالفة للإجماع ؟! وهكذا لن ينفع فلسطين وشعبها كون البيان الختامي للاتحاد البرلماني العربي فلسطينيا بامتياز ما دام مصدرو البيان لا تأثير لهم في سياسة بلادهم ، وراقبوا صداه في إسرائيل التي لن تقلق منه لتروا أنه لن يختلف مصيرا عما سبقه من بيانات عربية أكدت التمسك بما تسميه الثوابت العربية ، وفي قلبها القضية الفلسطينية .
وسوم: العدد 814