الفلسطينيون والكويت .. تاريخ من التفاعل الإيجابي
نشر موقع " عربي 21 " عرضا لكتاب الدكتور شفيق الغبرا " النكبة ونشوء الشتات الفلسطيني في الكويت " الذي صدر عن " المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات " في الدوحة ، في 2018. الكتاب أطروحة دكتوراه في جامعة أركنساس بهيوستن ، وأضاف إليه الغبرة فصلين بعد غزو العراق للكويت في الأول من أغسطس 1990 ، ويرى في هذين الفصلين أن إضعاف الجالية الفلسطينية الكبيرة في الكويت قصد به التمهيد لمؤتمر مدريد في 1991 واتفاق أوسلو لاحقا في 1993 . وقد حقق الغزو العراقي هذا الإضعاف بأن أنقص عدد هذه الجالية من 400 ألف إلى 30 ألفا . وفور أن قرأت عرض الكتاب بدر إلى ذهني ما كتبه من سنوات حافظ البرغوثي رئيس التحرير السابق لصحيفة " الحياة الجديدة " الفلسطينية الذي سبق له العمل في الصحافة الكويتية ؛ عن استحضار ولي عهد الكويت البستاني الفلسطيني الذي يشرف على حديقة قصره قبل الغزو العراقي ، وإخباره في حزن وألم أن أوامر وجهت إلى الدولة الكويتية بإبعاد الفلسطينيين من البلاد ، وأنها لا طاقة لها على معصية هذه الأوامر . ولنا أن نقدر أن هذه الأوامر أميركية بخلفية إسرائيلية لانزعاج أميركا وإسرائيل من قوة الجالية الفلسطينية في الكويت في مختلف مستويات الحياة في القطاعين العام والخاص ، وفي الإعلام ، وجاء وقت كان من يتصفح فيه صحيفة " القبس " الكويتية يحسبها فلسطينية لشدة انشغالها بالشأن الفلسطيني ، وغطت أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى تغطية وافية . ويشير الغبرة إلى أن العلاقة بين الفلسطينيين والكويت قديمة تسبق النكبة الفلسطينية واستقلال الكويت في ستينات القرن الماضي ، وأن الشيخ أحمد الجابر طلب في 1936من الحاج أمين الحسيني إرسال بعثة تعليمية إلى الكويت لتحديث التعليم فيها ، فاستجاب له ، وقويت العلاقة بين الطرفين بعد النكبة الفلسطينية في 1948 لهجرة كفاءات فلسطينية كثيرة إلى الكويت ، وجاء وقت بلغ فيه عدد الفلسطينيين في القطاع العام 48 % من القوى العاملة ، وفي القطاع الخاص 41 % من هذه القوى . وكل هذا ما كان ليسر أميركا وإسرائيل اللتين تريان فيه أسس قوة مستقبلية مهددة لإسرائيل . وقد تعقبت إسرائيل أي مظهر للاستقواء الفلسطيني لإضعافه أو القضاء عليه كليا ، وهذا ما فعلته في غزوها للبنان في 1982 وطردها لقوات منظمة التحرير الفلسطينية بحجة بان كذبها في ما بعد على لسان تاتشر رئيسة وزير بريطانيا ، وهي اتهام الفلسطينيين بالاعتداء على السفير الإسرائيلي في لندن . واتضح في ما بعد أن من بين أهداف استدراج العراق لغزو الكويت القضاء فيها على الوجود الفلسطيني ، وتحققت نسبة كبيرة من هذا الهدف ، وأعان على تحقيقها الموقف المخطىء لياسر عرفات بتأييده للغزو ، واستعداده لإرسال 20 ألف مقاتل فلسطيني لتعزيز الجيش العراقي الغازي ! وأغضب موقفه الشائن هذا الكويتيين قيادة وشعبا ، وأغضب بقية الدول الخليجية ، فأوقفت مساعداتها لمنظمة التحرير ، وأعلنت المنظمة إفلاسها ، وبالغت في خطورته وشدته تمهيدا مقصودا لحث الناس في الضفة وغزة والشتات الفلسطيني على قبول نتائج ما كانت تجريه في أوسلو من محادثات سرية مع إسرائيل من وراء ظهر الوفد الفلسطيني في مدريد . ودائما أعداؤنا يخططون مبكرا لأهدافهم وينصبون لنا المصائد ، ودائما نعينهم على إنجاز مخططاتهم ، ونسقط عمي العيون والقلوب في مصائدهم . وغزو العراق للكويت تنبأ به فيلم أميركي هزلي في 1984 . ونقول الحق : تعافى الشعب الكويتي والقيادة الكويتية سريعا من استيائهم من الفلسطينيين ، وميزوا بين خطأ قيادة منظمة التحرير وبين الشعب الفلسطيني ، والكويت اليوم مسهم كبير في إعمار غزة ، ومألوف جدا أن نرى فيها لوحة تشير إلى أن هذا المشروع بتمويل من دولة الكويت ، وهي لا تتحدث عن هذه المشاريع ولا تمن بها . وفي فبراير 2017 عزت الأكاديمية وعضو البرلمان الكويتي صفاء الهاشم تدني مرتبة التعليم في الكويت إلى 141 من بين 144دولة إلى مغادرة الفلسطينيين الكويت بعد الغزو العراقي ، ومنهم المعلمون ، وأن تحسين مستوى التعليم في الكويت يستوجب التعاقد مع أعداد جديدة من المعلمين الفلسطينيين ، وهذا ما يحدث الآن . وفخر للكويت ولنا أن يكون من أبنائها رئيس برلمانها مرزوق الغانم ، ومن كالغانم حبا لفلسطين وذودا عنها ؟! وأعترف بأنه أهمني ما قرأته من أيام عن استطلاع في الكويت يبين أن 14 % من الكويتيين يؤيدون التعاون بين الدول العربية وإسرائيل ، ومن واجبنا أن نوضح لهؤلاء ولغيرهم في الدول العربية حقيقة أن إسرائيل خطر كبير على العرب والمسلمين ، وكل ما في الأمر أنها خطر عاجل على بعضهم ، وخطر آجل على بقيتهم . أعداؤنا يروننا كتلة واحدة ، ولا يفرقون بيننا إلا مؤقتا ليسهل عليهم قضمنا وهضمنا قطعة قطعة . وتظل العلاقة الفلسطينية الكويتية مثلا للعلاقة القويمة السليمة بين أبناء الأمة الواحدة .
وسوم: العدد 815