اسْتِلَابُ المُصْطَلَحَاتِ وَمَسْخُهَا
في سياق تأمل رسالة الإسلام العظيم.. وقيمها الإنسانيَّة الساميَة لسنين عديدة.. هُديتُ بفضل الله تعالى قبل سنوات إلى ابتكار مصطلح (الأنْسَنَةِ). وكتبت بشأن هذا المصطلح عدد من المقالات.. وتحدثت عنه في أكثر من محفل وطني وإقليمي ودولي.. وتحاورتُ مع الفاتيكان وغيرِه من المؤسسات الدينيَّة والثقافيَّة بشأنه.. وخصصت له رسالتين من سلسلة رسائلي اليوميَّة.. واستحسنه مفكرون وكتاب وإعلاميون.. وفُجئتُ فقرأت بإحدى الصحف المحليَّة لكاتب يتحدث عن الأنْسَنَةِ ولكن بطريقة مختلفة تبتعد عن جوهر ومقاصد المصطلح التي ابتكرته.. والشيء العجيب أنَّ الكاتبَ يُعلِّقُ بما كتب على مقالة لزميل له في صحيفة أخرى يقول:" إنَّ مُصطلح الأنْسَنَةِ لم يكن معروفاً قبل اليوم موحياً للقارئ أنَّه من بنات أفكاره و ابتكاره ..؟! ثم أخذ يتحدث عن أنْسَنَةِ الوطنيَّة ؟؟؟!!! بعبارات مسخ بها معنى وجوهر مفهوم الأنْسَنَةِ التي هُديتُ إليها وتحدثت عنها كما نوهت أعلاه....فالأنْسَنَةُ يا سادة: التي استنبطتها من خلال تأملاتي في قيم ومبادئ رسالة الإسلام الإنسانيَّة الربَّانيَّة الراشدة.. إنَّما تعني التحول بمفردات الخطاب الربَّانيِّ للنَّاس من أطره الضيقة الفرديَّة والجماعيَّة والوطنيَّة والقوميَّة والجهويَّة إلى سعة آفاقه الربَّانيَّة الإنسانيَّة والعالميَّة.. ليكون على مستوى النقلة الربَّانيَّة الشاملة لمقاصد الرسالة الخاتمة التي أُرسِلَ بها نبيِّنا وسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا "ولقوله صلى الله عليه وسلم "كان النبيُّ يُبعثُ إلى خاصة قومِه وبُعثتُ إلى النَّاسِ عامة". فالرسالة المحمديَّة أطلَّت على البشريَّة والعالم بأمرٍ غير مسبوق.. جاءت بأنْسَنَةِ القيم الربَّانيَّة ..وبِعَلمَمَةِ وكونَنَة المبادئ والمنافع والمصالح والمعايير العادلة بينَ النَّاس.. فكانت أنْسَنَةُ العدل.. وأنْسَنَةُ قُدسيَّة حياة الإنسان وكرامته.. وأنْسَنَةُ حريَّة الإنْسَانِ ومَصَالِحِه.. وأنْسَنَةُ الأخوة..وأنْسَنَةُ الرحمة..وأنْسَنَةُ الحب.. وأنْسَنَةُ الأمن والسلام.. وأنْسَنَةُ سلامة البيئة.. وأنْسَنَةُ النفع العام كما في قوله صلى الله عليه وسلم :"خيرُ النَّاسِ مْن نفعَ النَّاسَ".وأنْسَنَةِ المواطنة لقوله تعالى:" وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ" وأنْسَنَةُ التعاون والتنافس في عمارة الأرض لقوله تعالى :"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى" ولقوله تعالى: "واستبقوا الخيرات".أجل جاء الإسلام ليُحرر القيم والمبادئ السالفة الذكر من قيود الخصوصة الدينيَّة والقوميَّة والعرقيَّة والجنسيَّة التي كانت سائدة قبل الإسلام ..إلى آفاق ألإنْسَانيَّة الربَّانيَّة الراشدة.. وبعد أعرفت أخي ما لمقصود بالأنْسَنَةِ ..؟ بالتأكيد فليس منها اختطاف الأفكار وادعائها وتبنيها واحتكارها ومسخها.
وسوم: العدد 815