كلّ عمل يُضعفك ، هو عدوان عليك ؛ سواء أصَدَر من عدوّك ، أم منك !
كثيراً مايقال : فلان (عدوُّ نفسِه) ! ويقال : (الجاهلُ يَفعل بنفسه ، ما يَفعلُ العدوُّ بعدوّه) ! وفي الصيغة القرآنية : (..ظالمُ لنفسه) ! ويشملُ كلّ من المصطلحَين: -عدوّ نفسه، والظالم لنفسه- سائر أنواع الأذى ، سواء أكان كثيراً ، أم قليلاً .. وسواء أكان ثقيلاً ، أم خفيفاً .. وسواء أكان مادّياً ، أم معنوياً !
والنفسُ قد تكون : نفسَ شخص ، أو نفس تجمّع :( أسرة ، قبيلة ، حزب ، شعب ، أمّة)!
في الحروب ، يقرأ قادة الفصائل العسكرية ، رسائلَ الجنود ، إلى أهليهم وأصدقائهم ، ورسائلَ أولئك إليهم ؛ للتأكّد من أنها خالية ، من المعلومات ، التي تؤذي الجيش ؛ سواء أكانت أسراراً عسكرية ، أم أخباراً اقتصادية ، أو اجتماعية .. يمكن أن يَفهم منها العدوّ ، أموراً ، أو يستنبط معلومات ، تدلّ على نقاط ضعف ، في الجيش ، أو الشعب .. فيوظّفها العدوّ، لمصلحته !
سَهلٌ ، أن تعرف هدف عدوّك ، من اختراق صفّك ، أو السعي إلى اختراقه : مادّيا ومَعنوياً ، عبر زرع جواسيس ، من عناصره ، داخل صفّك .. أو: بتوظيف عناصر، من صفّك ، تعمل لمصلحته ، مقابل إغراءات معيّنة : مادّية ، أو معنوية .. أوتحت تهديدات معيّنة ، مثل : الابتزاز؛ بنشر فضائح ، أو بإيذاء أشخاص قريبين منك ، أو غير ذلك !
وسَهلٌ ، أن تَفهم تقرّبَ بعض عناصرك ، إلى عدوّك ؛ بتقديم منافع له : معلومات ، أو غيرها.. لقاء منافع شخصية لهم ، أودفع أذى محتمل ، يصيبهم ، أويصيب بعض أقاربهم !
( حاطِبُ بن أبي بَلتَعة ، صحابي، كتب رسالة ، إلى قريش، يخيرهم فيها، أن النبيّ يُعِدّ جيشاً، لفتح مكّة ! وأعلم الله نبيَّه ، بالأمر، فأرسل اثنين ، من الصحابة ، خلف المرأة ، التي حملت الرسالة ! وحين جلبا الرسالة ، سأل النبيُّ حاطباً ، عمّا دفعَه ، إلى ذلك ، فاعتذر حاطب ، بأن كلّ فرد ، من المهاجرين ، له في مكة ، مَن يَدفع الأذى ، عن أهله ، عند فتح مكّة ، أمّا هو، فغريب ، وخشي من أن تُلحِق قريش، بأهله الأذى، فأحبّ أن يقدّم لها معروفاً، يتقرّب به إليها؛ لحفظ أهله ! وحين أراد بعض الصحابة ، قتل حاطب ، شفع له ، عند رسول الله ، كونُه بَدرياً؛ أيْ : ممّن خاضوا معركة بدر، مع رسول الله ) !
أمّا ماليس سهلاً فهمُه ، فهو تطوّع أشخاص ، من صفّك ، لخدمة العدوّ، مجّاناً :
عبر: الثرثرة الفارغة ، التي تقدّم فيها ، معلومات مجّانية ، إلى العدوّ!
وعبر: توجيه الشتائم والاتهامات ، إلى بعض عناصر الصفّ ، أو بعض المتحالفين معهم ، ضدّ العدوّ !
وعبر: التفاصح الفجّ ؛ بترديد معلومات ، بثّها العدوّ، في وسائل إعلامه ، أوإعلام حلفائه وأصدقائه ؛ لبلبلة صفّ عدوّه ! ويكون تردبد معلومات العدوّ ، تحت ذرائع شتى ، منها :حرّية التعبير، أو موضوعية الحوار، أو غير ذلك ، ممّا يمكن ، أن يوظّفه العدوّ : سياسياً ، أو أمنياً ، أو إعلامياً .. لخدمة أهدافه المختلفة !
وغنيّ عن البيان ، أنّ هذه السطور، لا تخصّ ، إلاّ مايمكن ، أن ينفع العدوّ، ويضرّ الصديق!
وسبحان القائل : ومَن يُؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً .
وسوم: العدد 815