قلّة الوَعي .. عَدمُ الوَعي: ذريعتان ، لفساد الفكر، أوالسلوك ، أو كليهما !
الحُجج والذرائع والأعذار، كثيرة ، منذ القِدم ، للتخلّص ، من العقوبات ، المترتّبة ، على الانحرافات ، في : الفكر، أو السلوك ، أو في كليهما !
وقد ورد ذَكرُ بعضها ، في القرآن الكريم ، مثل قوله تعالى :
(إنّ الذين تَوفّاهم الملائكةُ ظالمي أنفسِهم قالوا فيمَ كُنتم قالوا كنّا مُستضعفين في الأرض قالوا ألمْ تكنْ أرضُ الله واسعةً فتُهاجروا فيها فأولئكَ مأواهم جهنّم وساءت مَصيراً ) .
الطفلُ والمجنون ، يَحتجّ لهما، غيرُهما، بعدم الوعي، إزاء أيّ انحراف، في الفكر، أو السلوك!
فبمَ يَحتجّ البالغُ العاقل الراشد ، على انحرافه ، في الفكر، أو السلوك ، طائعاً مختاراً ، مُريداً، عالماً بما يَفعل !
بعضُهم يَحتجّ بالشيطان ؛ فيصبّ لعناته عليه ، لأنه أغواه ، أو أغراه ، بالانحراف !
توفيق الحكيم احتجّ ، بعدم الوعي ، حين سُئل ، عن سبب صمته ، على جرائم عبد الناصر! فقد كان أمام ثلاثة أعذار، هي :
عدمُ الرؤية ، والجُبن ، وعدمُ الوعي !
عدمُ الرؤية : حجّة غير مقبولة ؛ لأن الجرائم / كانت ظاهرة للجميع !
الجُبن : - الذي كان هو السبب الحقيقي ، لصمت الحكيم - يثلم شخصية الرجل ؛ لذا حاول الحكيم تغطيته ، بعذر آخر! لقد رأى الحكيم ، ماحلّ بمعارضي عبد الناصر، من مآسٍ ، فخاف من مصير كمصيرهم ، وجَبُن عن اتخاذ موقف شجاع ، كمواقفهم !
أفضلُ عذر، رآه الحكيم ، هو عدم الوعي ! وبناء عليه ، ألّف كتابه : عودة الوعي !
والحالة التي واجهها توفيق الحكيم ، متكرّرة ، في سائر أنحاء الوطن العربي ! فبمَ يَحتجّ العقلاء، لتسويغ انحرافاتهم السياسية : بتأييد المجرمين ، قتلة الشعوب .. أو بالصمت المخزي ، إزاء جرائمهم !؟ وبم يحتجون ، لتسويغ الانحرافات الخلقية ، المصاحبة للانحرافات السياسية ، والتي مِن أبرزِها : تَظالمُ الناس ، فيما بينهم ، ولاسيما تظالم الأرحام ، فيما بينهم ، بالاستعانة ، ببعض الظلَمة ، في السلطة : كلّ يستعين بظالم ، للاعتداء ، على حقوق أرحامه !
ومن استطاع ، أن يجد لنفسه ، حجّة ، أو ذريعة ، يقنع بها نفسه ، أو غيره .. فهل يستطيع إيجاد حجّة ، أو ذريعة ، يقي بها وجهه ، من حرّ جهنّم ، يوم القيامة !؟
وسوم: العدد 817