أدب وسياسة : "شهداء السادس من أيار .."
هذا عنوان ملتبس . ويكثر حوله التدليس . والإطلاق والتعميم . فهم عند قوم ثوار وشهداء أبرار . وهم عند قوم مجموعة من الخونة والعملاء والمأجورين . عند قوم قاتلهم : جمال القائد البطل . وعند قوم هو جما باشا السفاح .
أخطر شيء نواجهه في التاريخ هو أدلجة التاريخ . واحتساب الحق في شق والباطل في شق آخر على الهوية كما يقولون .
أقول مجملا إجمالا يحتمله هذه المقام : انتهت دولة الخلافة العثمانية عمليا بعزل السلطان عبد الحميد في شهر نيسان 1909 .
تم عزل السلطان الخليفة رحمه الله بانقلاب عسكري قادته جمعية الاتحاد والترقي بالتآمر والتعاضد مع دول الغرب وجمعياته .
بعد استصدار فتوى شكلية من المفتي بعزل السلطان ، ووافق عليها مجلس المبعوثان دخلت لجنة لتبلغ السلطان قرار عزله مؤلفة من قرصوة اليهودي وأرمني وألباني وعراقي - سامحوني بالأسماء - فأنا أكتب من ذاكرة قديمة . يقول لهم السلطان رحمه الله : أنا قبلت بقرار العزل ولكن ماذا يفعل هذا اليهودي في حضرة الخلافة ..؟!!!!!! هذا اليهودي هو الذي دفع للسلطان الملايين ثمنا لفلسطين !!!!!!
جمعية الاتحاد والترقي جمعية ماسونية العقيدة - تغريبة المنحى - طورانية الانتماء . وهؤلاء الضباط بكل خبثهم وسوئهم هم الذين حكموا السلطنة بعد عبد الحميد .
الخلفاء الذين نصبوا بعد عبد الحميد حتى 1924 كانوا خلفاء صوريين لم يكن لهم من الأمر شيء ..ولا يجوز أن تعتبر عهودهم امتدادا للدولة العثمانية . فهذا إساءة لتاريخ العثمانين الأبطال ..
على الضفة الأخرى - في العالم العربي - كان هناك جمعيات عديدة في العالم العربي .بعضها شريكة للاتحاد والترقي في الماسونية والخيانة والنزوع القومي المتعصب وبعضها كانت تطالب بإصلاحات حقيقية في الدولة العثمانية أولا في عهد السلطان عبد الحميد وثانيا في عهد الاتحاد والترقي الذي بدأ يتبع سياسة التتريك .
بعد أن انتصر الطورانيون من الاتحاد والترقي بدأت معركتهم ضد دعاة الإصلاح العرب من الأدعياء والصادقين على السواء ..
أكبر خطايا الاتحاد والترقي على المستوى الدولي أنهم زجوا الدولة طرفا في الحرب العالمية الأولى حربا لا ناقة لها فيها ولا جمل ..يكتب السلطان عبد الحميد في منفاه وأرسلت إليهم ، إلى الانقلابيين المجرمين ، أن تجنبوا دخول الحرب . وخذوا بلعبة التوازنات ، وأنا منذ عقود أحافظ على بقاء السلطنة على قاعدة اللعب على التوازنات .
الذي يجب أن نخلص إليه ..
أنه لا يجوز أن نخلط في الحكم على السلطة في الدولة قبل عبد الحميد وبعده ..
لا ننفي وجود ضباط في الحيش التركي كان في قلوبهم دين وإيمان ووفاء ظهر منهم فيما بعد عدنان مندريس مثلا ..ولكن التعميم خطأ ..
الثورة العربية الكبرى لم تقم على الدولة العثمانية . ضباط الاتحاد والترقي خاضوا الحرب مع الألمان والعرب خاضوها مع الانكليز ..والخطأ يحسب بقدره على الطرفين. وخيانة الانكليز هي التي دمرت كل شيء .
من يسمون شهداء السادس من أيار فيهم وفيهم . فيهم أدعياء وفيهم دعاة وأمر الموتى موكول إلى الله ..
كنت قرأت لأمير البيان شكيب أرسلان كلاما مفصلا في هذه المدخلات..وكاد أن يكون واحدا منهم ...
لنحذر المطلقات ...
اللهم ارحم من أراد بهذه الأمة خيرا ...
وسوم: العدد 823