أيها الزوجان لاتخسرا رمضان (2)
إذا كانت المشاعر السلبية تثور في النفس، وتدفع كُلًّا من الزوجين إلى مقاومة الآخر؛ فإن شهر رمضان فرصة ذهبية لجعلهما متصافيَيْن، متوادَيْن، متراحميْن.
ففي رمضان يسعى المسلم إلى كسب الأجر بكل ما يؤدّيه من عبادات وطاعات لله، في مقدمتها الصيام الذي بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه يُذهب ما يُصيب القلب من غيظ وحقد ووساوس، فعن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس والنَّمر بن تولب رضي الله عنهم جميعًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، يُذهبن وَحَرَ الصدر) صحيح الجامع.
و (وَحَر الصدر) كما جاء في شرح الحديث هو: مايُصيب قلب الإنسان من غيظ وكَدَر، فالغيظ هو بداية ضيق أحد الزوجين بصاحبه وبغضه له، والكدر هو حُزنه منه وإحباطه تجاهه.
وقال السيوطي: (وَحَر الصدر) غشه ووساوسه، وقيل: الحقد والغيظ، وقيل: العداوة، وقيل: أشد الغضب.
وهذه جميعها أحاسيس ومشاعر سلبيّة يمكنها أن تُوقِع البغضاء بين الزوجين ثم الهجران والقطيعة.
إن ما يحسُن بالزوجين، بعد أن يتَلقّيا هذه البشارة من النبي صلى الله عليه وسلم ، أن يعيشاها، ويحققاها، فيمنعا أي إحساس سلبي _من غضب وبغض وعداوة_ أن يُنغّص عليهما روحانيات الصيام، وهما يذكران أن أجر الصوم لله وهو سبحانه يجزي به، كما جاء في الحديث؛ قال صلى الله عليه وسلم : (كل عمل ابن آدم يضاعف؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى ما شاء الله، قال الله عزّ وجلّ: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي) صحيح مسلم.
فحتى يزيد ثوابكما من صيامكما، عليكما أن تضاعفا صبركما؛ صبر كل منكما على الآخر، على ضيقه منه، وغضبه عليه، وإيذائه له، حتى يحسُن صيامه، ويضاعف له سبحانه أجره أضعافًا مضاعفة، فالصوم لله وهو سبحانه يجزي به كما جاء في الحديث، فلماذا تُضيعان هذا الثواب العظيم في رمضان هذا العام، ومن يدري فقد لانُدرك رمضان في العام المقبل!
ولو تأملنا لفظ (وَحَر) الذي جاء في الحديث النبوي لأحسسنا بمعانيه السلبية، فالحاء والراء (حر) يُشعراننا بحرارة الصدر، وعدم برودته وصفائه، وكأن نارًا تشتعل فيه فتؤذيه وتؤذي صاحبه.
أمر آخر يجب أن يستحضره الزوجان وهما يتركان الشراب والطعام ولايتركان النزاع والخصام؛ هذا الأمر هو أن الله سبحانه ليس في حاجة إلى أن يدعا طعامهما وشرابهما دون أن يدَعَا تبادلهما الكلمات القاسية والألفاظ القبيحة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من لم يدَع قول الزُور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) صحيح البخاري.
وقال عليه الصلاة والسلام: (رُبّ قائم حظه من قيامه: السهر، ورُبّ صائم حظه من صيامه: الجوع والعطش) صحيح الجامع.
وقال جابر بن عبدالله الأنصاري: إذا صُمت فليَصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب، والمأثم، وَدَع أذى الخادم، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولاتجعل يوم فِطرك ويوم صومك سواء.
وقال ميمون بن مهران: إن أهون الصوم تركُ الطعام والشراب.
وعليه فإني أقترح عليكما أيها الزوجان الغاليان أن تتوقفا خلال أيام رمضان عما يلي:
- الكلام المؤذي القاسي النابي، فلايصدر منكما تجريح أو سخرية أو شتم.
- الغضب الذي يفقد فيه الإنسان سيطرته على نفسه.
- الصوت العالي مِن صراخ وزعيق.
- عبوس الوجه، وتقطيب الجَبين.
وسوم: العدد 824