السلام من أجل الازدهار الاقتصادي .. خداع إسرائيلي _ أميركي
في المشروع الإسرائيلي ثابت أساسي يحافظ عليه القائمون على هذا المشروع ، وهو أنه لا وجود إلا لدولة واحدة بين النهر والبحر ، وهذه الدولة هي إسرائيل ، وأن الفلسطينيين ليسوا أكثر من ظاهرة سكانية وجدت صدفة في " أرض إسرائيل " ، وفي أقصى تنازل تقبل به إسرائيل التي تجسد المرحلة الأولى من الحلم الصهيوني بالدولة المترامية من النيل إلى الفرات ؛ فإنها يمكن أن تشارك غيرها من الدول في تحسين مستوى معيشة هؤلاء " السكان " الفلسطينيين تعبيرا عن إنسانيتها ، وحفظا لأمنها ، واستفادة من القوى العاملة الفلسطينية في سوق العمل الإسرائيلية . وكل شيء إلى الآن سار وفق خطط المشروع الصهيوني . اتفاق أوسلو سار في هذا السياق ، وكان الحديث عن الازدهار الاقتصادي المتوقع منه ، خاصة في غزة ، أعلى صوتا من سواه . ونرى الآن إلام آلت أحوال غزة اقتصاديا ، وأحوال الضفة استيطانيا ، بعده . إسرائيل ، وبانحياز أميركي مطلق معها ، لن تقر بأي حقوق وطنية وسياسية وقانونية للشعب الفلسطيني في وطنه الذي سرقته ، وترى هذا الإقرار نفيا سياسيا وقانونيا لشرعيتها القائمة على دعامة أن فلسطين أو " أرض إسرائيل " مثلما تسميها ، هي أرض " الشعب " اليهودي . وهذا ما أكدته الكنيست الإسرائيلية في قانون القومية الأخير الذي نص على أن حق تقرير المصير في هذه الأرض مقصور على اليهود فقط . وورشة " السلام من أجل الازدهار الاقتصادي " التي حددت أميركا 25 ، و26 من يونيو القادم موعدا لها في المنامة ليست سوى خطوة جديدة في مسار محددات المشروع الصهيوني المنكر للحقوق الوطنية والسياسية والقانونية للشعب الفلسطيني ، والمتهرب منها بخداع الازدهار الاقتصادي القابل بطبيعة مفهومه الذاتي لكل ألوان الجدل والخلاف ، وكل حيل التفلت من الوفاء بالالتزامات . وقبل كل هذه العيوب ، هو تقديم للعربة على الحصان ، ما يعني ثباتها وجمودها في مكانها . وتضليلا وتمويها تقول أميركا إن الورشة باستهدافها الازدهار الاقتصادي تمثل جزءا من خطة سلام صفقة القرن . ولو لم تكن تضليلا وتمويها لما قدمت على الجانب السياسي . السياسة قبل الاقتصاد خاصة في القضية الفلسطينية . منذ النكبة في 1948 والفلسطينيون يريدون العودة إلى وطنهم ، أي الحل السياسي . وهل كانت أحوال اليهود الذين هاجروا أو هجرتهم الحركة الصهيونية إلى فلسطين غزاة معتدين ؛ سيئة اقتصاديا ؟! جاؤوا لبناء وطن قومي لهم على حساب تشريد الفلسطينيين . ويدرك الفلسطينيون ما في ورشة المنامة من تآمر على مصيرهم الوطني ، ولهذا رفضتها الفصائل الفلسطينية ، ورفضتها السلطة الفلسطينية ، ونتمنى أن يكون رفضها صادقا ، ورفضها رجال الأعمال الفلسطينيون حتى الآن سوى واحد . ومن الإسرائيليين من يمتلك الفهم الموضوعي والحس الأخلاقي ويشهد بأن الورشة ليست الوسيلة السليمة النزيهة للتعامل مع الحالة الفلسطينية . في تقرير لموقع "محادثة محلية " الإسرائيلي ، نشر موقع " عربي 21 " خلاصة لترجمته ؛ نقرأ : " الفلسطينيون لا ينتظرون من الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن يعطيهم أموالا ، بل أن يحررهم من الاحتلال الإسرائيلي الذي أسفر عن قيود إسرائيلية على الاقتصاد الفلسطيني ، وإلحاقه بها بصورة كاملة ، لهذا فإن الفلسطينيين لا يسعون للحصول على مليارات الدولارات التي يعد بها ترامب ، وإنما يتطلعون للتخلص من الوصاية الإسرائيلية عليهم " . ورشة المنامة ليست سوى خداع إسرائيلي _ أميركي جديد بغطاء عربي ، وتمهد للتطبيع بين إسرائيل والدول العربية ، وأولها الخليجية ، وليس لها صلة بأي حل سليم للقضية الفلسطينية .
وسوم: العدد 825