ما قدروا الله حق قدره..
قبل شهور مات فيزيائي ملحد يسمى هوكنز..
تساقطت عليه الرحمات من بعض الطيبين، وتساقطت على من أنكر ذلك صيحات السخط والغضب من أصحاب الإنسانية المفرطة والتسامح المفرط..
أجاب الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله ذات يوم على سؤال عن المحسنين من غير المسلمين هل ينالون ثواباً أو يدخلون الجنة جزاء إحسانهم، فأجاب بأن كل يحصل على ما يطلبه ويسعى إليه، وهؤلاء لم يطلبوا ثواباً ولا جنة بل طلبوا جزاء الدنيا والثناء والذكر الطيب فحصلوا عليه، والمسلم يطلب الثواب والجزاء في الآخرة فيناله إن أحسن وأخلص في طلبه.
هوكنز لم يكن يريد هذه الرحمة فلماذا يطلبوها له فيكونون ملكيين أكثر من الملك؟!
* * * * *
لا إكراه في الدين..
كل إنسان لديه الحرية أن يعتقد الاعتقاد الذي يدله عليه عقله وقلبه، ويعتنق ما يشاء، ويقتنع بما يشاء، ويختار ما يشاء، ثم يتحمل مسؤولية اختياره.
نحن لا نُكره أحداً على عقيدتنا، ونتعامل مع كل صاحب عقيدة تعاملاً إنسانياً عادلاً، ونقيم علاقات برّ ومودة وإحسان مع من يستحقّها.
لكننا لا نتعامل بالبر والإحسان مع من يقاتلنا في ديننا أو يخرجنا من ديارنا، ولا ينبغي ذلك..
لا ينبغي أن نصل ونبرّ من يحارب الله ورسوله والمسلمين، ولا نتبسّم في وجه من يتطاول على الله..
عندما ننتصر لله فإنما نحسن لأنفسنا، وليس الله جل وعلا بحاجة إلى من ينصره..
وعندما يهون علينا الله ورسوله فأنفسنا هي التي تهون..
والله يمهل ولا يهمل..
* * * * *
عندما نؤمن بالله حق الإيمان، ونعظمه التعظيم الذي ينبغي له، ونحبه الحب الذي حق لنا أن نحبه، عندها سنحب كل من أحبه ونبغض من أبغضه، ولن نجد في قلوبنا لا حبا ولا احتراما ولا مهادنة للذين يحاربون الله ويتطاولون على نبينا عليه الصلاة والسلام.
ما كان الواحد ليهادن من يتطاول على أمه وأبيه، وحتى لو كان ممن لا خير فيهم وهان عليه أبوه وأمه، فهو ما كان ليهادن من يعاديه ويتطاول عليه. لا يكذب أحد علينا وعلى نفسه ويدعي التسامح المفرط فهو يعلم في قرارة نفسه كيف يتعامل مع من يعاديه، أفيأتيه كل التسامح مع من يتطاول على الله.
* * * * *
هذه الحثالة.. بعد أن تنفث ما لديها وتنضح بمخزونها من سيول القاذورات.. تثير ابتداءً بعض الغبار.. لكن هذا الغبار لا يلبث أن يذوي، ولا تلبث الحثالة أن يطويها الزمان، وتكمل أيامها القصيرة المتبقية لها دون أن يكترث بها أحد، تعيش على هامش الزمان والمكان.. ثم تفضي إلى مصيرها الحق.. يوم الحق.. فلا تجد ما تفعله إلا أن تقول: يا ليتني كنت ترابا..
* * * * *
علينا أن نعيد التفكير في عقولنا ونضع كل إنسان في محله الذي اختاره بنفسه.
علينا أن نعيد الإحساس في قلوبنا فنحسّ الإحساس الذي يفرضه إيماننا بالله.
علينا أن نقف موقف حق تفرضه علينا عقولنا وقلوبنا.
الموقف الذي ندين به ولا نتنازل عنه: الله ورسوله أحب إلينا من آبائنا وأبنائنا، ولا مكان عندنا لمن حارب الله ورسوله..
ليذهب هؤلاء إلى الجحيم ويدعونا بسلام..
والذين يتلطفون مع هذه الحثالة ويتهاونون في غضبهم لله هم الخاسرون..
(مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ)
رمضان 1440 هـ
وسوم: العدد 827