يا أهل مصر إن الفرعونية باءت بغضب وسخط الله عز وجل وجعلها عبرة ولم يجعلها إسوة وقدوة

بالرغم من أن الله عز جل ذكر الفرعونية بسوء في محكم التنزيل، فقال جل شأنه من ضمن ما قال في فرعون وقومه  : (( وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين)) وغير هذا من الآيات التي تذمها ، فإن بعض إخواننا في مصر وقد أعزهم الله عز وجل بالإسلام  يأبون إلا الفخر والاعتزاز بالفرعونية الملعونة في القرآن الكريم . ومن فخرهم بها أنهم يحيون أزياءها  ورموزها ،ويحاكون تماثيلها  ورسومها ، وقد سموا فريقهم الكروي بها مع أن الله عز جل جعلها عبرة ولم يجعلها إسوة وقدوة حيث قال في كتابه الكريم مخاطبا فرعون ساعة غرقه : (( فاليوم ننجّيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية  وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون )) . ومن غفلة بعض إخواننا في مصر حتى لا نعمم لأن فيهم الصالحون أنهم لا يتعاملون مع الفرعونية كعبرة بل يتعاملون معها كقدوة وإسوة وهم يتباهون بها .

ومعلوم أن  تعمد حمل شعار ارتبط بإجرام في حق البشرية  يدل على إقرار به وإصرار عليه . فهل يستطيع  على سبيل المثال اليوم أن يحمل أحد رموز النازية أو يرفع أعلامها أو يسمي فريقه الكروي باسمها ؟  فإذا كان الجواب بالنفي ، نقول ما الفرق بين النازية والفرعونية في الإجرام في حق البشرية ؟  ألا تلتقي الفرعونية مع النازية في التنكيل ببني إسرائيل ، ففرعون ذبّح أبناءهم ، وهتلر أحرقهم في المحارق ، فكيف إذن تدان النازية و يفتخر بالفرعونية  أليس في هذا تناقض صارخ ؟ ولماذا تقام الدنيا ولا تقعد حين تذكر محارق النازية ، ولا يحرك ساكنا حين تذكر مذابح الفرعونية ؟

ألا يجدر بمن يفخرون بالفرعونية ، ويتخذون رموزها أن يفخروا بما أعزهم به الله عز وجل وهو نعمة الإسلام  وأن يتخذوا رموزه  ويتسموا بها عوض اتخاذ رموز الفرعونية الملعونة  والمقبوحة والتسمي بها ؟

وليس إخواننا في مصر وحدهم من ينبشون في ملاعن التاريخ ليفخروا بها بل هناك من يحذون حذوهم ، فيحييون البائد من تاريخ مخجل لا يشرف البشرية أن تذكره إلا في سياق الاعتبار والإدانة واللعنة خصوصا حين يتعلق الأمر بالأقطار التي أعزها الله عز وجل بالإسلام ، فيفكر بعض السفهاء فيها بالنبش في تاريخ بائد سادته ظلمات الجهل والكفر يرومون إحياءه افتخارا واعتزازا بهم . ومعلوم أن هؤلاء يقدمون على ذلك نكاية في الإسلام واستهدافا له ، وهم يحاولون القفز على تاريخه المشرق إلى تاريخ مظلم كان قبله ليس فيه ما يدعو إلى فخر واعتزاز أو اقتداء .

ولا شك أن محاولة إضفاء الأهمية على نموذج سيء  في تاريخ البشرية كالفرعونية وأمثالها مما ذم ولعن الله عز وجل في كتابه الكريم يدل على حنين نفوس مريضة إلى المذموم المقبوح . ومن يلتمس العزة في المذموم المقبوح يناله لا محالة الذم والقبح .

ولقد كان من المفروض ألا ترتزق مصر بآثار الفرعونية ، وأن تكون زيارتها للاعتبار وليس للسياحة والنزهة والفرجة . فمن زار الأهرام على سبيل المثال يجدر به ألا  يغلب إعجابه بها  استحضار ما ارتبط بتاريخ بناتها من بطش  واستبداد وظلم  . فهل يستطيع  مثلا من يزور المحارق النازية أن يبدي إعجابه بها ؟

ولا شك أن التطبيع مع الرموز الفرعونية  و الفخر والإشادة بها سيجعل شعب مصر ينسى تاريخه الإسلامي المشرق ،فضلا عن كونه سيستسلم للاستبداد الذي ابتلي به بعد أول تجربة ديمقراطية ناجحة في تاريخه . وهل يوجد فرق بين قول فرعون لأهل مصر : "أنا ربكم الأعلى "، وبين قول الفرعون العسكري الحالي  الذي قاد الانقلاب على الشرعية والديمقراطية :" أنا إما أحكمكم أو أقتلكم " ؟

وسوم: العدد 831