العبث ، ومحاولات العبث ، بمواقف الرجال .. بين الأمس واليوم !
موقف كعب بن مالك ، من رسالة الملك الغسّاني :
يقول كعب - وهو يروي قصّة تخلفه عن الجهاد ، مع النبيّ - : ثمّ إن رسول الله ، نهى عن محادثتنا ، نحن الثلاثة ، فاجتنبَنا الناس ، وتغيروا لنا ، فتنكّرت لي نفسي والأرض ! أمّا صاحباي فاستكانا ، وقعدا في بيتيهما ، أمّا أنا فأصلّى مع المسلمين ، وأطوف الأسواق ، ولا يكلّمني أحدٌ ، حتّى أقاربي ! بينما أنا في هذا الحال ، إذ جاءت رسالةٌ ، من ملك غسّانٍ ، يقول لي : الحَقْ بنا ، نواسِكَ، بعد أن هجَرك صاحبُك ، قلت: هذا من البلاء ، أيضاً، فأحرقت الرسالة!
موقف معاوية ، من رسالة ملك الروم ، في أيام الصراع ، بينه وبين علىّ :
ﺟﺎﺀﻓﻲ ﺭﺳﺎﻟﺔ ﻫﺮﻗﻞ ﻟﻤﻌﺎﻭﻳﺔ: “ﻳﺎ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔُ: ﻟﻘﺪ ﻋﻠﻤﺖُ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻨَﻚ ﻭﺑﻴﻦَ ﺻﺎﺣﺒِﻚ، ﻓﺈﻥﺷﺌﺖَ ﺃﺭﺳﻠﺖُ ﺇﻟﻴﻚ ﺑﺠﻴﺶ ﻗﻮﻱّ، ﻳﺄﺗﻲ ﻟﻚ ﺑﻌﻠﻲٍّ ، ﻣُﻜﺒَّﻼً ﺑﺎﻷﻏﻼﻝ ، ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ!“، ﻓﺮﺩّ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔ: “ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻭﻳﺔَ ﺑﻦِ ﺃﺑﻲ ﺳﻔﻴﺎﻥ ، ﺇﻟﻰ ﻫﺮﻗﻞَ، ﺃﻣّﺎ ﺑﻌﺪ؛ ﻓﺄﻧَﺎ ﻭﻋﻠﻲٌّ ﺃﺧﻮﺍﻥِ، كلّ ﻣﻨَّﺎ ﻳﺮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻖّ ﻟﻪ! ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺃﻣﺮٍ، ﻓﻤﺎ ﺃﻧﺖ ﺑﺄﻗﺮﺏَ ﺇﻟﻲَّ ﻣﻦﻋﻠﻲٍّ، ﻓﺎﻛﻔﻒْ ﻳﺎ ﻫﺮﻗﻞُ ﻋﻨَّﺎ ﺧُﺒْﺜَﻚَ ﻭﺷَﺮَّﻙ ،َ ﻭﺇﻻ ﺃﺗﻴﺖُ ﺇﻟﻴﻚ ﺑﺠﻴﺶٍ ﺟَﺮَّﺍﺭٍ، ﻋﻠﻲٌّ ﻗﺎﺋﺪُﻩ، ﻭﺃﻧﺎ ﺗﺤﺖَ ﺇﻣْﺮَﺓِ ﻋﻠﻲّ، ﺣﺘﻰ أمَلكه ﺍﻷﺭﺽَ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺖَ ﻗﺪﻣﻴﻚ!َ
موقف المعتمد بن عبّاد ، حين خوّفه بعضهم ، من ابن تاشفين :
(..فأجابهم ابنُ عبّاد ، بكلمته السائِرة مثلًا: رَعيُ الجِمال خَيْرٌ من رَعْيِ الخنازِير)! أيْ: إنّ كَوْنَه مَأْكُولًا لابن تاشفين أَسِيْرًا، يَرْعَى جِمالَه في الصَّحْراء ، خَيْرٌ من كَوْنه مُمَزَّقًا لابن فرذلند أَسِيْرًا، يَرْعَى خَنازِيرَه في قَشْتالة،
مواقف الرجال ، اليوم !
مواقف بعض الحكّام : التآمر مع حكّام الغرب ، ضدّ بني جلدتهم ، من حكّام آخرين ، ومن مواطنين في دولتهم !
مواقف بعض أدعياء المعارضة ، العائدين إلى حضن الوطن : لجأ بعض أدعياء المعارضة ، إلى (حضن الوطن!) أيْ : حضن رئيس النظام الحاكم في سورية ! وهم الذين أظهروا العداء، للنظام السوري ورئيسه ، فترة من الزمن ، ثمّ أظهروا ندمهم ، على معارضة الرئيس القائد، والتحاقهم بالمعارضة .. وعدّوا عملهم هفوة ، طالبين ، من الرئيس ، العفوَ عنها!
مواقف بعض المقاتلين ، باسم المعارضة ، (الضفادع ) : أجرى بعض المقاتلين ، في الثورة السورية ، مصالحات مع النظام الحاكم ، بإشراف روسي ، وضمانات روسية ! وسلّم هؤلاء المقاتلون ، مالديهم ، من كميات ضخمة ، من الأسلحة والذخائر، لرجال النظام ، وضَمّهم إلى صفّه : منهم مَن جنّده، ليقاتل ، ضدّ إخوانه المجاهدين .. ومنهم مَن أمِر بأن يتجسّس ، على المجاهدين ، وعلى أبناء بلده ، عامّة ! وبدأ رجال النظام ، يتحكّمون بهم ، ويراجعون سيرة كلّ منهم ، فيعتقلون بعضهم، بتهمة معارضة الحكم ، ويُعدمون بعضهم ، ويزجّون ببعضهم ، في مقدّمة الكتائب المقاتلة ، ضدّ المجاهدين! ومَن تلكّأ في القتال، قتلوه ، ميدانياً، بتهمة الخيانة!
وهكذا ، تتفاوت مواقف الرجال ، بتفاوت معادن الرجال ، وطبائع الرجال !
وسوم: العدد 835