الإخوان والأعياد.. نماذج مضيئة
نطلق الإخوان المسلمون، وفق المعايير التي جاءت في كتاب ربهم وسنة نبيهم، وقاموا بتطبيقها تطبيقًا عمليًّا، وتعاملوا مع كل شرائح المجتمع، فلم تكن دعوتهم موجهةً إلى شريحة واحدة من المجتمع أو إلى شعب واحد، ولم تكن في مجال واحد، بل تعاملوا مع كل الشرائح على السواء، سواء أكان بالتذكير أم بالنصيحة أم بتقديم الخدمات، كما طبقوا الإسلام بمفهومه الشامل في كل مجالات الحياة؛ سواء أكانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية أم اجتماعية، فنالت دعوتهم استحسان وقبول الجميع بسبب هذا الفهم الشامل.
وفي ذلك يقول الإمام البنا عليه رحمة الله: "أيها الإخوان! أنتم لستم جمعية خيرية، ولا حزبًا سياسيًّا، ولا هيئةً موضعية الأغراض محدودة المقاصد؛ ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله، وصوت داوٍ يعلو مردِّدًا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى عنه الناس.
إذا قيل لكم إلامَ تدعون؟ فقولوا: ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم: هذه سياسة! فقولوا: هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الأقسام".
ومن ضمن هذه الجوانب- كما ذكرنا- الجانب الخدمي الذي قدَّمه الإخوان للمجتمع وفقرائه؛ انطلاقًا من دعوتهم التي تدعو إلى التعارف والتكامل والتكافل بين أفراد المجتمع؛ حتى لا يبيت أحد شبعان وجاره جائع لا يجد ما يسد حاجته، ولذلك كانوا حريصين على إدخال السرور على الفقراء بقدر المستطاع، فكان الأخ يقتطع من قوته وقوت أبنائه ليطعم الفقراء أو يكسوهم، وخاصة في الأعياد التي كان ينظر الفقير فيها للغني؛ فلا يفرح بالعيد، فعمل الإخوان بوسائل عدة على إدخال السرور عليهم، سواء كان بإطعامهم أم كسوتهم أم تنظيم رحلات ترفيهية، أم افتتاح ما يعود عليهم بالنفع كالمستوصفات وغيرها.
وهذا الأمر لم يكن في مرحلة من مراحل الدعوة فحسب، بل منذ نشأة الجماعة حتى اليوم، ففي عيد الأضحى كان الإخوان يقومون بجمع الأضاحي وتوزيعها على الفقراء الموجودين في بلادهم، خاصة أن البلاد كانت واقعة تحت الاحتلال، وكان معظمها من الفقراء.
ففي "أسوان" قام الإخوان بمشروع لسد حاجات الفقراء، حتى بلغ جملة ما أنفقوه في هذا المشروع نهاية عام 1941م حوالي 71 جنيهًا، ويوضح الجدول الآتي نواحي الإنفاق كما أوردتها مجلة (الصعيد الأقصى):
وسوم: العدد 837