أهل اليمن في الشمال
تتعرض مجتمعاتنا العربية لحروب فكرية مختلفة فالتنميط والقولبة والتعميم وصناعة الوهم والتزيف والتزوير كلها اسلحة فكرية فتاكة اذا ما تم استخدامها بشكل مدروس لاستهداف فئة او شعب او حضارة او امة فانها تصنع واقعا مخادعا عنه يصبح مع مرور الزمن بديلا للحقيقة.
لذا قررت ان اكشف سر الاسرار بعد رحلة استمرت اربع اعوام قضيتها متنقلا بين الجنوب والشمال في اليمن لتغطية حرب استعادة الشرعية من براثن الانقلاب الحوثي المدعوم ايرانيا وقطريا ، نعم لابد أن أخبر الناس حقيقة ما اكتشفته في الشماليين بلا مقدمات ولا مجاملات لأن ما اقوله امانة ولابد أن أذكر هذا على رؤوس الأشهاد.
فالخيانة والغدر من الصفات الذميمة التي لا تليق بالمسلمين ، وهنا اشهد الله عز وجل أنني لم أجد في أهل الشمال في اليمن إلا الوفاء والاخلاص والتضحية والشجاعة.
وإن كل من يستهدفهم إما ان يكون مغيبا تحت تأثير ماكينة إعلامية مشبوهة أو ظالما لنفسه بترديد الخزعبلات والأكاذيب التي لا تستند لادلة مادية او حقائق تاريخية ، والتعميم مع أو ضد فيه مغالطات كبيرة ، وحتى لا يتحول المقال إلى سطور من الانطباعات غير المدعومة بالأدلة اليكم احاديث المتارس لا احاديث المجالس.
قبائل طوق صنعاء تلك القبائل التي تختزل قيم العروبة بكل تشعباتها عاشرتها ورافقت رجالها في المتارس وبين الحديد والنار ولم اجد منهم الا كل خير واحترام بل ان ما تلمسته من علو كعب في القتال والسجال يجعلني دوما في ذهول وهنا اذكر الشهيد مطهر الصنعاني الذي استطاع وحيدا تحرير جبل الغرة في مديرية باقم قبل ان يستشهد والحادثة معروفة من قبل الجميع ومطهر هنا انموذجا لرجال طوق صنعاء.
عتمة وذمار إن كان للشموخ اسم فهو عتمة وإن كان للإقدام اسم فهو ذمار يتوزعون كالأسود في كل الجبهات لم أرهم إلا في المقدمة.
– تعز وهي قصة بطولة لا يفهمها الجبناء تعز قصيدة فداء لم ينظم أبياتها شاعر بل دونها الشهداء في صفحات الشرف والخلود.
– عمران وما أدراك ما عمران ابناؤها في كل الجبهات يكتبون تاريخ اليمن الجديد السعيد بدمائهم.
– الجوف أهل المواقف المشرفة ومنجم الرجال الأبطال ومنطلق الرجولة والفداء الجوف وقبائلها حالة كونية متفردة.
– مأرب التاريخ والحضارة والبيت اليمني العريق الذي فتح ابوابه لكل الهاربين من بطش المليشيات الانقلابية ، في مأرب فقط لا يشعر الغريب بالغربة فكلنا في مأرب سواسية.
أهل إب والحديدة وحجة والمحويت وريمة لم أرهم إلا في المتارس المتقدمة ولم اعهد منهم الا الشجاعة والاخلاص والصدق ، ايها الاحبة لأهل تهامة في نفسي حكاية سارويها يوما ما بعد تحقيق النصر المبين كون وصفهم بمقال امر مستحيل.
اما اساطير الرجال فهم في صعدة بلا شك واريد هنا ان اذكر ان ما يشاع عن صعدة بانها معقل للمليشات ما هو الا تنميط سخيف وقولبة حقيرة فمن يقاتل في اثني عشر محورا في صعدة يتقدمهم قادة من صعدة ومن اعرق قبائلها.
اما محافظة البيضاء التي ترفد جميع الجبهات بالرجال فانك تعرف البيضاني في الميدان وتميزه عن باقي الرجال باقدامهم ، فهم لا يتقدمون نحو العدو مشيا ابدا بل يتقدمون كالشهب لا يوقفهم الا النصر او الشهادة.
ما تقدم جاء بالاختلاط والعشرة في أحلك الظروف وتحت أزيز الرصاص ودوي الانفجارات أنا هنا لا ادعي الكمال ولا أدعي الكمال لأهل الشمال ففي كل مكان في العالم هناك من يسيء لسمعة أهله وناسه ولعل الحوثي أكبر دليل على هذه ، لكن تجربتي الشخصية مع أهل الشمال حافلة بمواقفهم المشرفة والله من وراء القصد والغاية.
ختاما حتي لا يربط المقال باحداث عدن الاخيرة فعلاقتي باهل الجنوب ممن رافقتهم بالمتارس علاقة دم وعرق ومصير مشترك لكن الهجمة الاعلامية البشعة استهدفت اهل الشمال وحاولت تكوين صورة نمطية مغلوطة وهذا يجعلني كشاهد عيان امام مسؤولة اخلاقية اما نفسي والتاريخ.
وسوم: العدد 838