الجامعة العربية كابوس يجثم على صدر العرب
إن المتابع لمواقف الجامعة العربية المخزية منذ تأسيسها قبل سبعين سنة بأوامر من المملكة المتحدة التي كانت لا تغيب عن ممتلكاتها الشمس، والتي وصفها البعض أنها "دولة 22 فيتو"، وقال عنها "إنها كيس ملاكمة للتنفيس عن الغضب الشعبي؛ مُتهمة من قبل الكثير من المواطنين العرب بأنها لم تنجح حتى الآن بحل أي قضية عربية مركزية".
ولعلّ مصافحة الأمين العام لهذه الجامعة أحمد أبو الغيط بكل الحرارة والتملق في أحد أروقة الأمم المتحدة لوزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، هي مؤشر خطير لوجود هذه الجامعة التي باتت كابوساً يجثم على صدر العرب ولا بد من إزاحته.
صحيح أن اللقاء الذي تم في أحد ممرات أروقة الأمم المتحدة كان قصيرًا للغاية يوم الجمعة 27 أيلول 2019، وبدا مرتجلاً، حين وصل أبو الغيط إلى أحد هذه الممرات، حيث كان أفراد العصابة الدبلوماسية لنظام دمشق متواجدين "وليد المعلم وفيصل مقداد وبشار الجعفري".
أبو الغيط تقدم نحو وليد المعلم قائلاً باللهجة المصرية: " قولولي يا أخي مساء الخير! يعني مش معقول. ازيَك"، قبل أن يُصافح المعلم ويقبله على وجنتيه.
أبو الغيط صافح أيضا نائب وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد وقبله بحرارة وسفير النظام في الأمم المتحدة بشار الجعفري.
أبو الغيط قال مخاطباً العصابة ككل: "والله أنا بفرح جداً لما بشوفكم"، قبل أن يربت على كتف المعلم.
اندفاع أبو الغيط نحو وليد المعلم وتحيته بهذه الحرارة وهو المعلق عضوية نظامه في الجامعة العربية؛ هو تجاوز لقوانين ولوائح وأنظمة الجامعة العربية تجاه دولة عُلقت عضويتها منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، وقد قتل النظام المجرم وحلفائه الإيرانيين والروس أكثر من مليون سوري، وهجروا نحو ثمانية ملايين إلى دول الجوار والعالم، وأجبروا أكثر من سبعة ملايين للنزوح من مدنهم وبلداتهم وقراهم؛ بعد أن دمروها؛ للعيش في مخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، في حين لم يحظ البعض حتى في العيش في مثل هذه المخيمات فافترشوا الأرض مع أولادهم ونسائهم والتحفوا السماء.
لقد حدث انقسام بين الدول العربية في شأن عودة النظام السوري المجرم إلى الجامعة العربية، حين دعا العراق ولبنان إلى عودته إلى الجامعة العربية، ولم يحظ هذا الاقتراح بقبول الدول العربية، فيما تجاوزت دولة الإمارات قرارات الجامعة العربية في كانون الأول 2018 وفتحت سفارتها في دمشق، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية معها منذ 2012، تنفيذاً لقرار الجامعة العربية بطرد النظام السوري من عضويتها، وكان علم الثورة يرفع على مقعد الجمهورية العربية السورية منذ ذلك الحين.
إنّ الهوان الذي أصاب الجامعة العربية بعد فشلها في تحقيق الغاية التي أنشئت من أجلها منذ تأسيسها، والى يومنا هذا، لم تستطع تحقيق أهداف ميثاقها والتي تتمحور حول توثيق الصلات بين الدول العربية وصيانة استقلالها، والمحافظة على أمن المنقطة العربية وسلامتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. فلقد وقفت الجامعة عاجزة عن التعامل مع المشكلات العربية التي واجهت الوطن العربي، وظهرت ضعف فعاليتها وضحالة دورها في النزاعات التي تنشأ بين الدول العربية، وعدم قدرتها على ممارسة أي نشاط مؤثر على الساحتين الإقليمية والدولية، وظهر عجز الجامعة عن حل أي خلاف يحصل بين أعضاءها مما أدى إلى خروج القضايا العربية والنزاعات بين الدول من داخل أطار جامعة الدول العربية إلى دول كبرى أو إلى الأمم المتحدة ولنا في ليبيا واليمن وسورية والعراق أكبر مثال.
وعلى الرغم من أن كل مؤسسات جامعة الدول العربية قد أنشأت لتعميق التعاون والتكامل العربي، إلا أنها فشلت في متابعة وتنفيذ الالتزامات الناتجة عن توقيع اتفاقيات التعاون العديدة بين الدول العربية، أو التنسيق بين الأجهزة والمنظمات المخصصة لها أو خضوع تنفيذها لعوامل سياسية متغيرة، أو لأنها وقعت أساساً فقط لأسباب إعلامية، وما "معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي" و"اتفاقية الوحدة الاقتصادية" و"السوق العربية المشتركة" إلا نموذجاً على ذلك والتي مازالت في معظمها حبراً على الورق ثم الغرق.
وعليه فإنه من العار المعيب بقاء هذه المنظمة وهي في موت سريري منذ إنشائها ولابد من إزاحة كابوسها عن صدر الشعوب العربية التي ابتليت بها وبحكامها.
وسوم: العدد 846