حرب المصطلحات ، القديمة المتجدّدة ، أبدا
حرب المصطلحات ، ليست جديدة ، ولا غريبة عن أذهان البشر، في القديم أو الحديث ؛ فقد مارستها القوى المتنفّذه ، عبر العصور، في مقاومة دعوات الأنبياء : كلّ مجموعة من القوى المتنفّذة ، في كلّ شعب ، تمارس هذا النوع من الحرب ، بطريقتها ، وبما يناسب عصرها ، ونظام حكمها ، ونمط حياتها ! على أن هناك مصطلحات مشتركة ، بين سائر القوى ، التي قاومت دعوات الأنبياء ، من أهمّها :
مصطلح أساطير الأولين: ويعني ماكان يسطّره القدماء، من خرافات وأقاويل ، لاقيمة لها، ولا تقنع أحداً! وقلّما أُرسل رسول ، إلى قومه ، ولم يجابَه ، بمثل هذا الكلام ، لإخماد صوته، بالتهوين من شأن دعوته ! وأكثر من كان يمارس هذا النوع ، من الحرب ، ضدّ الانبياء ، هم النُخب المتسلّطة على أقوامها : سياسياً وعسكرياً ، واجتماعياً ومالياً..! وفي مقدّمة هذه النخب، يأتي الملوك والسلاطين ، الذين يخافون ، من أن يُفسد عليهم الانبياء ، شعوبَهم ، فتتمرّد عليهم هذه الشعوب ، ويخسرون ، بالتالي ، سلطاتهم !
مصطلح الفساد : الفساد تهمة ، قديمة متجدّدة ، مارسها طغاة الأرض ، ضدّ الأنبياء ، الذين أرسِلوا إلى شعوبهم، لإخراجها من تسلط الحكّام الظلمة، ومن استعباد هؤلاء الحكّام لها، الذين هم أصل الفساد ومعدنه! ومن أبرز مَن أطلق هذه التهمة، فرعون، الذي كان في عهد موسى، والذي ادّعى الألوهية ، قائلاً لشعبه : (ماعلمتُ لكم مِن إلهٍ غيري..) ! وحين جاء موسى ، ليدعوه ، بالكلام الليّن ، إلى الهدى والحقّ ، ثارت ثائرته : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ ) !
وفي العصر الحديث : ظهرت مصطلحات جديدة ، ابتكرها الحكّام المستبدّون وأعوانهم ، لمحاربة قوى الإصلاح ، في مجتمعاتهم ، من أهمّها :
تهمة الرجعية : أيْ العودة إلى عصور قديمة ! ويعنون بها ، في الدول العربية والمسلمة، العصرَ الإسلامي ، تحديداً ! وبالطبع ، يرى هؤلاء الحكّام وأعوانهم ، أنهم ، هم ، المتنوّرون المتحضّرون ، الذين يواكبون الحضارة الغربية ، ومنجزاتها العصرية !
وتأتي مع مصطلح الرجعية ، مصطلحات عدّة ، مناسبة له ، مثل مصطلح التخلّف ، ومصطلح العمالة للاستعمار ، وغير ذلك ! وقد صار معروفاً ، أن عملاء الاستعمار الحقيقيين ، هم أنفسهم الحكّام ، الذين ابتكروا هذه المصطلحات ، لتشويه سمعة خصومهم ، الساعين إلى إنقاذ البلاد والعباد ، من تسلّطهم واستبدادهم ، وعبثهم بمقدّرات الشعوب !
مصطلح الإرهاب : وآخر المصطلحات ، هو المصطلح الذي راج ، رواجاً هائلاً ، على مستوى العالم ، وهو مصطلح الإرهاب ، الذي أُلصِق ، حصراً ، بالمسلمين الداعين إلى حكم الإسلام، ليشمل، عبر هؤلاء المسلمين ، سائر المسلمين ، ثمّ ليتعدّى هؤلاء، أيضاً، إلى الإسلام ، ذاته !
ومع كثرة الجرائم ، التي يرتكبها ساسة القوى المتجبّرة ، في العالم ، وبشاعتها ، وضخامتها .. فإن تهمة الإرهاب ، لا تلحق بأيّ منهم ، بل حتى الجرائم ، التي يرتكبها بعض متطرّفي الغرب، ضدّ المسلمين ، أوضدّ مواطنيهم النصارى ، لا تُطلق عليها صفةُ الإرهاب ، بل يُبحث لها ، عن صفات ، مناسبة لحضارة المجرم ، الذي يرتكب جريمته ، ومنها: وصف المجرم ، بالمريض نفسياً، أو المختلّ عقلياً.. أو نحو ذلك !
أمّا مصطلحات : التطرّف والتشدّد والتزمّت ، وغيرها.. فهي من الصفات ، التي تجعل صاحبها، مشروعَ إرهابيّ محتمَل ، يجب الحذر منه، ووضعه ، تحت مناظير أجهزة المخابرات ، المختلفة، في العالم ، بدءاً بمخابرات بلاده ، التي يحكمها المستبدّون ، المرتبطون بقرارات القوى المتجبّرة !
وسوم: العدد 847