أهمّية الأوزان ، في حياة البشر!
يتحدّث الناس ، عادة ، في مجتمعاتهم ، بشكل عامّ ، عن الأوزان ، ويضعون ، لكلّ مَنشَط من مناشط حياتهم ، أوزاناً ، ينظر بعضُهم ، إلى بعض ، من خلالها !
وهذه نماذج ، من الأوزان ، التي يضعها الناس ، للتعامل فيما بينهم !
الوزن السياسي : يَنظر الناس ، عادة ؛ ولاسيّما العاملون في السياسة ، إلى الشخص ، الذي يتصدّى للعمل السياسي ، من خلال وزنه السياسي ! وهذا الوزن ، يتشكّل ، مع الزمن ، من عناصرعدّة ، منها : أخلاق الإنسان ، وتاريخه ، عامّة ، والتاريخ السياسي منه ، خاصّة ! ومن هذا التاريخ :عمله في الأنشطة السياسية ، من أحزاب سياسية ، ومن مشاركة ، في ندوات ومؤتمرات سياسية .. ومن تسلّمه مناصب ، ذات طابع سياسي ، كالوزارات ، وغيرها .. ومن نجاحه أو إخفاقه ، في أنشطته السياسية ، عامّة .. وهكذا ! فيضعون له وزناً معيّناً ، غامضاً في أكثر الأحيان ، وفي كثير من الأذهان ، لكن ملامحه العامّة تساعد ، مَن يرشّحه لعمل سياسي، في تقويمه، إلى حدّ ما ! فإذا كان جديداً ، في العمل السياسي ، يُنظر إليه ، على أنه قليل الوزن، أو لاوزن له ، في المجال السياسي ، ويُفضّل عليه صاحبُ الخبرة السياسية ، المجرّب في العمل السياسي .. وهكذا ! وقد تنافس رجلان ، على الرئاسة الأمريكية ، فادّعى أحدهما ، أن كلبَه ، فلاناً ، أفهمُ بالسياسة ، من خصمه فلان ، المنافس له !
الوزن الاجتماعي : للناس أوزان اجتماعية ، ينظرون ، من خلالها ، إلى الأشخاص ، فيقال : هذا له وزن اجتماعي ، وهذا لاوزن له ! ويستمدّون تقويماتهم ، هذه ، من أمورعدّة ، منها : قيمة الإنسان في مجتمعه ؛ أهو وجيه في قبيلته ، أو حيّه ، أم خامل ؟ أهو ذو كلمة مسموعة ، ممّن حوله ، أم تافه ، لايأبه له ، ولالكلامه ، أحد ؟ وفي الحديث الشريف ، عن إمارات يوم القيامة (يتكلّم في الناس الرويبضة)! وحين سئل النبيّ ، عن الروبضة ، قال : (هو الرجل التافه ، يتكلّم في أمر العامّة) !
الوزن العلمي .. الوزن الأدبي .. الوزن الثقافي : أمّا الأوزان العلمية والأدبية ، والفكرية والثقافية.. فيقدّرها ، في العادة ، المهتمّون بهذه الأمور، أصحاب الخبرة فيها ؛ فيرشّحون فلاناً، للجائزة العلمية الفلانية .. وفلاناً ، للجائزة الأدبية الفلانية .. وهكذا ! وهذه القيَم لاتأتي اعتباطاً؛ بل يحصل عليها الناس ، عبر جهود كبيرة ، في مجالها ، يبذلها هؤلاء ، الذين يشتهرون بها، بين الناس !
الوزن العسكري : وقد اشتهر أشخاص ، بأنهم ذوو وزن ، في المجال العسكري ؛ وذلك ، بسبب شهرتهم ، في هذا المجال ! والشهرة فيه ، تُكتسب ، من خلال الخبرة العسكرية ، والشجاعة ، والمهارة : في القتال ، وفي قيادة الجيوش ، ونحو ذلك ! ومن هؤلاء : خالد بن الوليد ، ونابليون بونابرت ، ورومل الالماني ، ومونتغمري البريطاني ، وجياب الفيتنامي.. وغيرهم !
اكتساب الأوزان : ثمّة أوزان وراثية ، سياسية ، ومالية ، واجتماعية .. وغنيّ عن البيان ؛ أن بعض الأوزان ، يكتسبه صاحبه بنفسه ، وبعضها يكتسبه بالوراثة ؛ كبعض الأوزان المالية والاجتماعية !
فقدان الأوزان ، وضعفها : بعض الأوزان يُفقد ، مع الزمن ، وبعضها يضعف ! كما أنّ بعضَها يزداد ! وكلّ ذلك خاضع لعوامل عدّة ، منها : الشخص نفسه ، صاحب الوزن ..ومنها: الظروف المحيطة به ، وتغيّر أوضاع الناس وأحوالهم ؛ فبعض الناس ، لايكتشف الناسُ وزنَه، إلاّ بعد موته ، وبعضهم يفقد وزنه ، بعد موته ، ثمّ يعيده إليه ، بعض الدارسين المهَرة ، مثل: ابن خلدون ، الذي كتب مقدّمة كتابه في التاريخ ، ومضى قروناً عدّة ، حتى تنبّه بعض علماء الغرب، إلى القيمة العظيمة، في المقدّمة، فشهروا الرجل وكتابه ومقدّمته، فتسارع علماء العرب إلى تمجيده ، والاقتباس من مقدّمته ، في بحوثهم ، المتعلّقة بالاجتماع و فلسفة التاريخ !
وسوم: العدد 847