الفكرة كالطفل ، بحاجة إلى محضَن يَحمي..والفكرة العالمية السامية، بأمَسّ الحاجة إليه !
في الحديث الشريف : بدأ الإسلام غريباً ، وسيعود غريباً ، كما بدأ !
ولقد توالت الحلقات ، حلقات الحماية ، في سلسلة البدء :
احتضنه أبو طالب ، وحماه ، وحمته حَميّة بني هاشم !
وأفاد من الأعراف القبلية ، في الحماية ، فدخل النبيّ مكّة ، بجوار المُطعم بن عَديّ ، بعد عودته من الطائف !
وأفاد من قوّة الحاكم الحبشي ، في الحماية ، حين أوعز النبيّ ، إلى المسلمين ، بالهجرة إلى الحبشة، لأن فيها ملكاً ، لا يُظلم عندَه أحد !
ثمّ أفاد ، من قوّة الأوس والخزرج ، في المدينة المنوّرة ، في الحماية ، حمايته ، وأتباعه!
ثمّ اشتدّ ساعده ، وصار يحمي نفسه وأتباعه وحلفاءه ! وقد جهّز النبيّ جيشه ، ففتح مكّة ، بعد أن اعتدى حلفاء قريش ، على حلفائه !
ثمّ ضَعفت شوكته ، نتيجةً لأحداث مرّت على الأمّة ، عبر سنين طويلة .. وضَعفَ أتباعه ، حتى صاروا ، إلى ماهم عليه ، اليوم !
اليوم : الإسلام غريب ، كما بدأ ، فمن يحميه ؟ وكيف؟
رأى جماعة – منهم الشيخ محمد رشيد رضا – أن في الحديث بشارة ، بنصرة الإسلام ، بعد غربته الثانية ، آخذين ذلك ، من التشبيه ، في قوله صلى الله عليه وسلم "وسيعود غريباً كما بدأ "! فكما كان، بعد الغربة الأولى ،عزّ للمسلمين ، وانتشارٌ للإسلام ، فكذا ، سيكون له ، بعد الغربة الثانية، نٌصر وانتشار!
وهذا الرأي أظهر ، ويؤيّده ما ثبت ، في أحاديث المهدي ، ونزول عيسى عليه السلام ، آخر الزمان ، من انتشار الإسلام ، وعزّة المسلمين ، وقوّتهم ، ودحض الكُفر والكَفرة!
لكن ، لابدّ من حام ، فمَن هو؟ ولابدّ من حماية ، فكيف تكون ؟
هذه الأسئلة ، توجّه إلى النُخَب ، من حملة الإسلام ، ودعاته !
لكن ، أيّ نخَب ، فهي كثيرة ، ومتفاوتة : في تفكيرها ، وفي قدراتها : العقلية والبدنية؟
إنها النُخب المؤهّلة للتفكير، المتمرّسة فيه ، عامّة ، والمتمرّسة في نوع معيّن ، من التفكير، خاصّة .. والمستعدّة للتضحية ، بشكل عامّ ، والمؤهّلة لمعرفة أساليب التضحية ، ومعرفة الأعداء المتربّصين ، بالإسلام وحمَلته، وأساليبهم، في الكيد للإسلام وأهله، من أعداء الخارج، وأعداء الداخل ، بشكل خاصّ .. ومعرفة الشروخ ـ التي يمكن استغلالها ، في جسم الحركة الإسلامية الدعوية ، أيّة حركة دعوية ، تحمل عبء الدعوة ، وتتصدى لحملها ، ولمقارعة الأعداء ، الذين يكيدون لها !
ومن أهمّ المعارف : معرفة الخطأ والصواب ، في اجتهاد ما ، حسب زمانه ومكانه ، وحسب القوى : المعادية والصديقة والحليفة .. والتي يسهل كسبها ، لمصلحة الداعية ، والتي يسهل كسبها ، لمصلحة العدوّ ، بعد معرفة نوع العدوّ ، وأهدافه ، وأساليبه !
هذه معاجزات .. أم أحلام يقظة؟ إنها لاهذي ولا تلك ! إنها أهداف صغيرة ، لابد من تحقيقها، لتحقيق الهدف الكبير!
وسوم: العدد 854