مظاهر التدخل الإيراني ومشروعه التخريبي في العالم الإسلامي
[1]
تسعى حاكمية الفقيه إلى تثبيت النظام الالهي في الارض، وبسط العدالة بين الناس، وإنقاذ المستضعفين في العالم من شرور الطغاة وظلامة المستكبرين!!
هكذا وصف الإمام الخميني مشروعه السياسي، وبهذا المنطق "الاممي" يواصل منظرو الولاية الدينية نداءاتهم ، فيدعون العالمين: أهل المشرق وسواد الغرب، إلى إقامة "الجنة الإيرانية" على جغرافية الأرض الخضراء من إندونيسيا إلى الدار البيضاء ، وهو شعار الثورة وسلاحها العتيد الذي تلوح به طهران من حين لحين .
هذا هو مشروع الإمام الخميني ، الذي يسعى إلى إخضاع الكون كله للفقيه المرشد، بوصفه حاكما إلهيا ، ونائبا لامام الزمان الغائب ، وجامعا للكمالات الالهية ، فولايته العالمية ، التي يبشر المسلمين بدخول جنتها، وعلي يد السيد علي خامنئي ولاية معصومة ، تتمسك بمبدأ الوصاية الكونية على جميع المسلمين السمع والطاعة لامر المرشد الاعلى اينما كانوا، مكانا وزمانا . فالإعتقاد بالولاية من تمام الايمان . ومن يخرج عليها، أو يعارضها ، يعد مرتدا عن الدين القويم .
وقد جرى تأكيد مطلقات الولاية وقداستها الالهية ، اثناء الحراك السياسي 2019 الذي شهدته العاصمة والمدن الايرانية الاخرى ، تحت عنوان (اسقاط ولاية الفقيه) فقد حكم على المتظاهرين بالكفر والردة والهرطقة ، لتطاولهم على المقام الالهي للمرشد المعظم ، حيث يحرم على كل مسلم معارضة الفقيه القائد ، فطاعته واجبة شرعا وقانونا، ومن يخرج على ولي أمر المسلمين ، يعد خارجا على الدين كافرا .
[2]
أولا ـ استراتيجية إيران تجاه الدول العربية والاسلامية :
1 ــــ المرحلة التعبوية : بدأت أول خطواتها من بيروت منذ مطلع الثمانينيات في استحداث تنظيم جزب الله ، نسخة طبق الاصل لولاية الفقيه . عقيدة وولاء ، وتم تدريب عناصره واعدادهم ، ليصبح التنظيم الارهابي المسلح ، احد أهم أدوات الترويج المذهبي ، وتصدير الثورة .
2 ـــــ المرحلة الاستخبارية : مهمتها جمع المعلومات وتشخيص مصادر القوة ونقاط الضعف في (الدولة المستهدفة) عبر منظمات واحزاب موالية في العديد من الاقطار العربية والاسلامية ، وقد تمكن جهاز استخبارات الحرس من بناء قاعدة معلومات متكاملة عن الدول العربية ، في العراق وبلاد الشام والخليج العربي .
3 ــــــ مرحلة الغزو من الداخل : في الاطار نفسه تسلل الايرانيون إلى الاقطار العربية الاخرى . وكانت السودان واحدة من أهم المحظات بوصفها واحدة من بوابات افريقيا المهمة ، التي تمكنت من زرع العديد من الخلايا السرية وفرق االمبلغين .
4 ــــــــ مرحلة التدخل العسكري المباشر : في السنوات العشر الاخيرة . بات التدخل الايراني في شؤون الدول الاخرى معلنا ومباشرا تجاهر به طهران عبر تصريحات مسؤوليها وفي مؤتمراتها ، واذا كان التدخل في الماضي يقتصر على جوانب سياسية واعلامية ، فانه أصبح ومنذ 2011 عسكريا وتعبويا وايديولوجيا ، يقتحم الدول بالذخيرة والسلاح والمليشيات والمرتزقة ، وهو مانلمسه ونشاهده ميدانيا في بغداد وسوريا واليمن . بعد ان اصبح يمتلك جيوشا من فرق الموت . وهذا ماحدث في العراق الذي امتد فيه النفوذ الايراني الى مؤسسات الدولة وهيمن على السلطات الثلاث ( الحكومة ، البرلمان، القضاء) ، واستطاع الايرانيون يفتوى المرجع الايراني السيستاني ( أن يشكلوا تنظيما عسكريا على غرار الحرس الثوري، تحت اسم (الحشد الشعبي) يدين بالطاعة التامة للمرشد الاعلى ويمتثل لامره.
5 ـــــــ مرحلة تفتيت المجتمعات : ولعل ماجرى ويجري في سوريا والعراق اليوم يقدم صورة مأساوية بالغة الايلام ، فلم تكتف ولاية الفقيه بالتدخل العسكري في هذين البلدين ، فقد تطور الامر إلى ووصل إلى المرحلة الاخطر وهي ( تأسيس الوجود ) داخل البلدين ، ونقل كل التقاليد والافكار والعقائد البهما ، واختراق المجتمع والنيل من نسيجه الوطني ، على نحو غير مسبوق عن طريق التغيير الديمغرافي الطائفي والتأسيس لدول طائفية تابعة لطهران ، وقد نفذت ايران اليوم إلى داخل البيت السوري والعراقي ، وهي حقيقة باتت ملموسة لكل ذي عقل وعين
وسوم: العدد 855