المسنّون والمرضى محكومون بالموت
كانت الدّول الرّأسمالية تفاخر بارتفاع معدّل عمر الإنسان في بلدانها؛ بسبب ارتفاع مستوى المعيشة، وما صاحب ذلك من تقدّم علمي خصوصا في الطّبّ، لكنّهم ومنذ انتشار فيروس كورونا كمرض وبائيّ يجتاح العالم، بدأوا يروّجون في وسائل الإعلام -كما يبدو- للخلاص من المصابين بأمراض مزمنة وممّن هم في سنّ الشّيخوخة، أو من تعدّوا سنّ الخامسة والسّتّين، وهم يشكلّون ما نسبته 30% من سكّان العالم، فهؤلاء هم في سنّ التّقاعد، أي غير منتجين، فهل أصبحوا يشكّلون عبئا على التّغوّل الرأسمالي؟
وهل الحملة الإعلاميّة التي تبيّن أنّ خطورة فيروس كورونا تشكّل خطرا على المرضى والمسنّين أكثر من غيرهم السليمين صحّيّا، وممّن لم يصلوا سنّ الشّيخوخة، تأتي تمهيدا للخلاص منهم من خلال عدم تقديم العلاج لهم في حالة إصابتهم بفيروس كورونا القاتل؟ فهل عادت الرّأسماليّة إلى الفكر النّازيّ؟
وإذا كان الرّئيس الأمريكي ترامب يقود سياسة بلطجة الرّأسماليّة في استهداف الشّعوب الأخرى، فهل نسي أنّه نفسه يعدّ العدّة لخوض إنتخابات الرّئاسة الأمريكيّة في نوفمبر القادم وقد بلغ الثّمانين من عمره؟
وهل يميّز المرض والموت بين شابّ وشيخ، وبين سليم معافى ومريض.
تراثنا الشّعبيّ له ما يقوله هو الآخر في المسنّين، ويدعو إلى الإستفادة من حكمة الشّيوخ- أي المسنّين-، وهناك حكايات شعبيّة كثيرة تثبت أنّه الحياة لا تستقيم إلإ بمكوّناتها العمريّة المختلفة، وأنّ الشّيوخ جزء أصيل من هذا المكوّن.
ويستهزئ تراثنا ممّن لا يعطون الشّيوخ حقوقهم الحياتيّة، فمّما جاء في تراثنا أنّ أبناء البادية يستغلّون شيوخهم بأن يتركوا لهم صغار الماشية ليرعوها، بينما في المدينة يتركونهم في البيت لرعاية الأطفال عندما يذهب الآباء والأمّهات الشّباب إلى السّينما والرّحلات التّرفيهيّة!
وأنا هنا أستذكر مقولة لأحد الفلاسفة الذي قال:" يبقى الإنسان شابّا ما دام يشعر بذلك، ويشيخ عندما يريد ذلك."
وأستذكر ما قاله شاعر جاهلي مسنّ لفتاة تغزّل به، وستهزأت من شيخوخته فأنشد قصيدة مطلعها:
زعمتِني شيخا وما أنا بشيخ...إنّما الشّيخ من يدبّ دبيبا.
وسوم: العدد 868