مَن لم يعرف من المدنية ، إلاّ الأدوات ، التي يقتل بها نفسه وأهله ، فهو شيطان أبله !
القتل نوعان : مادّي ومعنوي ، ولكلّ منهما صوَرعدّة !
نموذج أوّل : دخل الجيش ، فتمدّن !
في بداية تشكيل أحد الجيوش العربية ، أرسل شابّ ، رسالة لأبيه ، بعد أن سُحب إلى خدمة العلم ، يقول فيها : لقد تمدّنت ، يا ابي ؛ فقد صرت : أشرب الخمرة ، وأسبّ الدين ، وأصرف الماء ، المخزون في داخلي ، على الواقف ! وإذا كانت هذه الحكاية ، حقيقية ، أم جاءت على سبيل الطرفة ، فإنها تعبّر عن واقع ، كان قائماً ، في تلك الأيام ، وتدل على الفهم الخاصّ ، لدى الكثيرين ، للمدنية ، ومظاهرها ، وكيفية ممارستها!
نموذج ثان : لديه تلفاز، يقنل وقته ، ووقت أسرته ، في متابعة التمثيليات والمسلسلات ، التي تظهر على شاشته ، دون أن يحاول الإفادة ، ممّا فيه ، من برامج نافعة : ثقافية ، أو علمية ، أو دينية ، أو اجتماعية .. مفيدة ؛ فيضيع ، على نفسه ، وأهل بيته ، فرص الإفادة ممّا ينفعهم ، من ناحية .. ويملأ ، من ناحية ثانية ، عقله وعقول أفراد أسرته ، بما تنسجه ، أخيلة كتّاب السيناريوهات ، من قصص مصوّرة، بعضها يتعمّدون فيه ، إضلال الناس ، وتخريب عقولهم ، وعقائدهم ، وأخلاقهم.. وبعضها تافه ، لاقيمة له ، خُلقياً ، أو فكرياً ! أمّا الأطفال ، في الأسرة ، فيخصّص لهم ربّ البيت ، برامج خاصّة بهم ، صنعها المحترفون ، في الغرب أو الشرق.. ويهدرون الطاقات ، المذخورة لدى الأطفال ؛ من إمكانية حفظ القرآن الكريم ، والسنّة النبوية ، والجيّد من الأدب ، القديم والحديث !
نموذج ثالث : لديه هاتف ذكيّ ، يضيع وقته ، في الثرثرة فيه ، بلا طائل ، ويهدر إمكانية الإفادة ، ممّا فيه ، من برامج نافعة ، في مجالات شتّى !
نموذج رابع : لديه سلاح ، يستقوي به ،على أهله وعشيرته ، ويمارس قتل بعضهم، لأسباب شتّى ، فكرية أو حزبية .. وأحياناً ، يمارس القتل ، ارتزاقاً ، ويكون أداة ، في أيدي بعض المجرمين ، الذين يعبثون بمصيره ، ومصير أهله وشعبه !
نموذج خامس: حصل على شهادة جامعية، في بلاده ، أو درس في جامعات الغرب، فبات يرى نفسه ، أفضل من سواه ، ممّن لم تُتح لهم الدراسة الجامعية ، أو ممّن درسوا في بلادهم .. ويتكبّر عليهم ، فيفسد العلاقة ، بينه وبينهم ، أو يدفعهم إلى الحقد عليه ! المهمّ ، في نظره ، أن يظهر متمدّناً ، أكثر من غيره !
وسوم: العدد 869