كتاب لأجلها
لم تكن كباقي النساء ولم يكن المؤلف الذي صنف الكتاب لها كباقي الرجال؟!
إنها ملكة بهوبال (شاه جان بيكم) يقول عنها (ليبل غرفن) أميرة تدير أمور الحكومة من وراء حجاب، لكنها تعلم كل صغيرة وكبيرة في أخبار بلادها، وهي بلا استثناء أقدر امرأة في الهند في عصرها.. سريعة الخاطر جداً؟! حتى إنَّ مَنْ يخاطبها يجب أن يكون على جانب عظيم من الذكاء ليستطيع مجاراتها في الحديث - كما ذكر عمر رضا كحاله في أعلام النساء-.
وأما المؤلف فهو محمد صديق حسن خان العالم المتقن الرحالة الذي ألقى عصا الترحال في بهوبال وألف وصنف وفاز بثروة وافرة، وتزوج بالملكة (المرأة التي يقول عنها): هي من اللواتي ملكن ناصية الحكومة والولاية في بهوبال؟! وأما سبب تأليفه للكتاب الذي خصها به وجعل عنوانه (حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة) هي أنها تلت القرآن الكريم مع ترجمته بلسانها، وقرأت بعض كتب الحديث وأتقنت بيانها، وسألتني أن أفرد لها ما نزل وورد فيهن من نصوص الكتاب والسنة، بحيث لا يترك من ذلك صغيرة ولا كبيرة، ويضيف: فنَهضتُ لذلك رجاء أن ينفع الله تعالى به عصابة النسوة، ويفقهن له بالقدوة والأسوة.
والكتاب أقرب ما يكون إلى المعجم الشامل الذي يحتوي على ما يخص المرأة المسلمة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ضم القسم الأول (في آيات الكتاب العزيز 194 باباً) وضم القسم الآخر (فيما ورد بالنسوة من أحاديث السنة المطهرة 482 باباً). وكانت الخاتمة (في بيان أن الأنثى تخالف الرجل في أحكام) أوصلها المؤلف إلى الستين.
وهذا الاهتمام منها بالعلم الشرعي لم يقتصر على زواجها من رجل له نيف وستون مصنفاً بالعربية والفارسية والهندية بل امتد إلى خارج بلادها، فتبرعت ببناء مسجد في لندن شيد عام 1889م وماتزال الصلاة تقام فيه إلى اليوم وصدق قول الشاعر في الزوجين الأميرة والعالم: ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا
وحق لها أن يسمى الكتاب الذي ألف من أجلها بكتاب (الملكة).
وسوم: العدد 873