انظر من زاويةِ نظرِ مُحاورك ، فقد تتكاملان ، بدلاً من الصراع !
لو نظر كلّ مُحاور، من زاوية نظرِ مُحاوره ، حول الموضوع الذي يتناقشان فيه ، فقد يكتشف أن مُحاوره على صواب ، من الزاوية المقابلة ، فيتكاملان ، بدلاً من الصراع ، أو يعذر بعضُهما بعضاً !
قد يكون المتحاوران ، من مدرستين مختلفتين ، أو منهجين مختلفين ؛ فيكون الخلاف بينهما ، حول الأصول الكبرى ، والقواعد الأساسية للتفكير.. وقد يكونان من منهج واحد ، أو مدرسة واحدة ؛ فيكون الخلاف بينهما ، حول الفروع ، أو حول بعض برامج العمل ..!
وقد يقرّب النظرُ، من الزوايا المختلفة ، كلاًّ منهما من الآخر.. وقد يتكاملان ، أو يلتمس كلٌّ منهما عذراً لصاحبه ! وقد قال أحد كبار المفكّرين ، في العصر الحديث: لنعمل فيما اتّفقنا فيه ، وليعذر بعضُنا بعضاً ، فيما اختلفنا حوله !
أمثلة :
حكاية العميان والفيل : إنها حكاية معروفة ، ويَحسُن إيرادها ، في هذا السياق ! فقد اجتمع بعض العميان ، حول فيل ، وطُلب من كلّ منهم وصفُه ! فوصفَه كلّ واحد ، من الجانب الذي هو فيه ؛ إذ وصفه أحدهم ، بأنه عمود ، من خلال إمساقه بالساق، ووصفه الآخر، بأنه حَبل ضخم ، من خلال إمساكه بالخرطوم ، ووصفه الثالث ، بأنه مروحة ، من خلال إمساكه بالأذن ..! وهكذا اختلفوا ، حول شيء واحد ، ولم يصفه أحد منهم ، وصفاً كاملاً ؛ لعجزهم عن ذلك !
عدسة التصوير: عدسة التصوير الواحدة ، قد تصوّر شيئاً ما ، صوراً عدّة ، يختلف بعضها عن بعض ؛ كلّ صورة تُلتقط من جهة : من الأمام والخلف ، ومن اليمين والشمال .. والشيء واحد ! فإذا جُمعت الصور، عبّرت ، بمجموعها ، عن حقيقته !
أمّا قدرة كلّ عدسة ، على التجسيم ، أو التصغير، فتدخل في باب آخر !
والمحصّلة : أن العقول المنصفة الواعية ، الباحثة عن الحقيقة ، قد تجد مشتركات كثيرة ، تعمل فيها ، بشكل جماعي ، إذا لم تفرّقها الأهواء ، وأمراض النفوس ، والمصالح الشخصية !
أمّا إذا دخل شيء ممّا ذُكر، فقد ينشب الصراع ، بأنواعه ، وقد يقتتل الناس ، فيما بينهم ، حول أمور، قد تكون هامشية ، وقد يمكن حلّها ، بشيء من الوعي والتبصّر والموضوعية ، والإحساس بالمسؤولية ! وإلاّ ؛ فويلٌ للصغار: مِن أهواء الكبار.. ومِن جهل الكبار.. ومِن أمراض النفوس ، لدى الكبار.. ومِن النفوس الصغيرة ، لدى الكبار..!
وسوم: العدد 875