قصصُ العُروج(١٣٥)
*نوائلُ موسوية*
*النصيحة الاستباقية*:
النصيحة مبدأ عظيم وعطية ثمينة في كل الظروف والأحوال، فها هو الكليم موسى ينصح أخاه هارون ويوصيه قائلاً: *{اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبعْ سبيل المفسدين}*، هذا مع أن هارون رسول معصوم، فكيف بالناس الذين لم يعصمهم الله بالنبوة؟
ومن طبيعة تركيبة الإنسان أن ينسى، مما يجعله بحاجة إلى تذكير، وقد يضعف فيحتاج إلى تقوية، وقد يَعوجّ فيحتاج إلى تقويم.
وتكون النصيحة غالبا بعد الوقوع في الخطأ، لكن هناك النصيحة الاستباقية التي تسبق الذهاب إلى الفعل وهي الوصية، مثلما فعل موسى مع هارون في ما أوردناه أعلاه.
*حصنُ الرحمة*:
الرحمة هي حصن رباني منيع، من دخله كان له أمان من الغضب الرباني ووقاية من العذاب الإلهي، ولذلك قال موسى: *{قال رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين}*، إنه يطلب من الله أن يدخله وأخاه حصن الرحمة، حيث لا تصل إليهم سهام العذاب ولا تلحقهم شظايا الغضب الإلهي!
ومع أن هذا الحصن فخم بما يضم من خيرات وهبات، إلا أنه شديد الضخامة ويتسع لكل أحد بل لكل شيء، كما قال تعالى: *{ورحمتي وسعت كل شيء}*، بمعنى أن حصن الرحمة يجمع بين الفخامة والضخامة.
*تبادل الإعجاب*:
يبدو من ثنايا قصة موسى في مدين أن إعجاباً فطرياً قد نشأ بين موسى وابنة شعيب عليهما السلام، ويشير هذا الإعجاب إلى أن الله أودع في فطرة المرأة حب القوة في الرجل، قال تعالى على لسان ابنة شعيب: *{يا أبتي استأجِره إن خير من استأجرت القوي الأمين}*، وفي المقابل فقد أحب موسى في ابنة شعيب حياءها، قال تعالى: *{فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا}*، ولا بد أن موسى قد لاحظ ذلك الحياء، مما دفعه للاقتران بها دافعاً ثمناً باهظاً، حيث أقام قرابة عشر سنوات وهو يعمل في خدمة أسرتها مقابل مهرها.
*فضيحة البُخل*:
البخل فضيحة لا يصح وصمَ قريةٍ أو مدينة أو منطقة كاملة به، فقد ستر الله على القرية التي استطعم موسى والخضر أهلها ولم تطعمهما، ولم يذكر الله اسمها. لكن بعض المفسرين فضحوا ما ستره الله عندما ذهبوا إلى أن القرية المقصودة هي العقبة أو إنطاكيا أو طنجة!
*بُورِك المُتدبِّرون*
منتدى الفكر الإسلامي
وسوم: العدد 876