" مخطط الضم " ومحاولة اختبار صبر الفلسطينيين
تواصل حكومة الاحتلال حربها العدوانية على الشعب الفلسطيني في محاولة محمومة لفرض سياسة الأمر الواقع الاحتلالي وتقويض المنجزات الوطنية الفلسطينية ومنع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والمتواصلة جغرافياً على كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس .
حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة وضعت على رأس سلم أولوياتها فرض الواقع الاحتلالي من خلال ما يسمى بخطة الضم والتي تشمل وضع اليد والسيطرة على أجزاء واسعة من الضفة الغربية والأغوار وشمال البحر الميت وضم التجمعات الاستيطانية بدعم مباشر من الإدارة الأمريكية التي وضعت أسس هذه الجريمة من خلال ما سُمّيّ بصفقة القرن " خطة ترامب – نتنياهو " .
تتوهم حكومة الاحتلال إذا ما فكرت مجرد التفكير بأن الشعب الفلسطيني وقيادته يمكن أن تساوم أو تخضع أو تتعاطى أو تقبل بمثل هذه الإجراءات الاستفزازية والعدوانية وهذا الانقلاب الأمريكي الإسرائيلي على ما تم الاتفاق عليه خلال السنوات السابقة ، فالقيادة الفلسطينية لم تتردد في اتخاذ موقفها الذي يجب أن يكون ، موقف الرفض والمواجهة والتصدي لمخططات الاحتلال فكان القرار الفلسطيني واضحاً وجريئاً وتاريخياً في إعلان القطيعة الكلية مع الاحتلال وإنهاء العلاقات التعاقدية ووقف العمل بكافة الاتفاقيات بما في ذلك ملف " التنسيق الأمني " الذي يشكل صفعة قوية لحكومة الاحتلال البلطجية والتي تعبر تعبيراً حقيقياً عن وجه الاحتلال السافر والسافل والدمويّ والإرهابيّ عبر كافة سياساتها ومخططاتها المعادية للشعب الفلسطيني .
أمام تسارع الأحداث وإعلان الاحتلال نيته الشروع بعملية " الضم " مطلع تموز القادم ستكون هناك سناريوهات عديدة في مواجهة هذا المخطط التوسعي الاحلالي وما يترتب عليه من وقائع جديدة ، وشعب فلسطين الذي عودنا على الصمود والثبات ومقاومة الظروف والتحديات التي يخلقها الاحتلال لن يتردد في الدفاع عن حقوقه ومنجزاته وقضيته ، وسيكون بالمرصاد لكل هذه المخططات التي تستهدف النيل من أي حق من الحقوق الوطنية العادلة والمشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية والمجتمع الدولي .
هناك مواقف أوروبية ودولية بدأت تحذر حكومة الاحتلال من خطورة إقدامها على عملية الضم " تجديد الاحتلال المباشر " ، وهذه المواقف الدولية لها أهميتها في إدانة ما تقوم به " إسرائيل " من جرائم سياسية وعسكرية واستيطانية على الأرض الفلسطينية التي لا يجوز إجراء أي تغيير على طابعها القانوني باعتبارها أرضاً محتلة .
كل ما سعت له إسرائيل خلال السنوات السابقة ، وما بعد العام 2000 بخاصة هو فرض ميزان قوى جديد تحت راية " سلطة بلا سلطة واحتلال بدون كلفة " وهذا هو واقع الأمر بفعل كل السياسات التي قامت بها حكومات الاحتلال لإجهاض كافة المنجزات الفلسطينية على صعيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعضويتها بصفة مراقب في الأمم المتحدة ومواصلة إجراءات القمع والتنكيل والاجتياحات والاعتقالات ومصادرة الأراضي وهدم المنازل والتوسع والبناء الاستيطاني وسلسلة القوانين التي أقرت في " الكنيست " والتي كرست الطابع العدواني والعنصري والاستبدادي إلى جانب عزل وأسرلة القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها واعتراف الإدارة الأمريكية المتصهينة بالقدس كعاصمة لإسرائيل .
ومع كل ذلك ورغم كل ما قامت وتقوم به دولة الاحتلال إلا أنّ الشعب الفلسطيني استطاع ويستطيع دائما إفشال مخططاته وأجنداته التخريبية والاستعمارية الكولونيالية ، وما محاولات الضم والتوسع وصفقة القرن وغيرها من المؤامرات سوى أوراق محترقة ، ستلفظ أنفاسها أمام صمود الشعب الفلسطيني وصمود قيادته التي سارعت وباجتماع قيادي شامل لاتخاذ أخطر المواقف السياسية في اشتباك سياسي وصراع محتدم مع عدوين لدودين هما الإدارة الأمريكية أولاً وربيبتها حكومة نتنياهو – غانتس ثانياً .
الشعب الفلسطيني قارئ جيد للسياسة وللأحداث السياسية ، وبدون أدنى شك أنه قرأ رسالة قيادته في منتهى الجدية ، تماماً كما قرأها الاحتلال بشتى مستوياته السياسية والإعلامية والأمنية والذي حاول الاستخفاف بالموقف الفلسطيني واعتباره مجرد تصريحات صحفية ، أو مجرد " غضبة رئيس " ، حيث اتضح لهم خلال الأيام القليلة الماضية أنّ الموقف الفلسطيني صلب ، وينبع من إرادة سياسية ومن تصميم فلسطيني غير مسبوق على مواجهة مخطط ضم أي جزء من الأرض الفلسطينية ، وأنّ هناك خطوات تصعيدية ، وربما انتفاضة واسعة ، ستكون في طريق المواجهة والتصدي لأي إجراء احتلالي ، ولن يقبل الفلسطينيون أبداً أن يكونوا الطرف الذي ينفذ ويلتزم بالاتفاقيات من جانب واحد ، فلتذهب كل هذه الاتفاقيات إلى الجحيم ، ولن ترضخ القيادة الفلسطينية لأي ابتزاز أو تهديد ، سواء من الإدارة الأمريكية ـ أو من حكومة الاحتلال - أو من أي محمية من تلك المحمّيات التي تسير في فلك التبعية والهرولة والتطبيع في عواصم بعض العرب !!
أثبت نتنياهو دائماً أنه زعيم فاشل ، وعليه أن يكُّف عن التهديد بالضم وغيرها من التهديدات الفارغة التي لا يرتعد لها سوى الفئران ، فكل مواقفه باتت مكشوفة ، وهو الفاسد الملّطخ بقضايا وملفات الفساد التي تلاحقه في المحاكم ، وان كان جاداً في ما يطرح فليقدم على عملية الضم إن استطاع ، ولكن عليه أن لا يختبر صبر الفلسطينيين أو ردود أفعالهم التي ستتجاوز مجرد إسقاط الاتفاقيات !
وسوم: العدد 878