قصصُ العُروج(١٤٦)
العناية الإلهية
عناية الله:
إن عناية الله بأوليائة ليس لها حدود، وتعطينا مريم العذراء درساً بليغاً في هذا الإطار، فإن حملها من دون زوج لا يمكن تفسيره فضلاً عن تبريره بأي لسان مهما كانت فصاحته، غير أن الله ساق لها شهادة البراءة عبر لسان لا يمكن أن يكذبه أحد، وهو لسان وليدها المسيح عندما نطق وهو في المهد في خارقة كبيرة تفسر حملها من دون زوج، {قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا. قال إني عبدالله آتانيَ الكتاب وجعلني نبياً}[مريم: ٢٩، ٣٠]، وهو ما دفع عدداً من الناس للذهاب إلى الطرف الآخر، حينما قالوا عن عيسى بأنه ابن الله وأنه أحد الأقانيم الثلاثة التي يتكون منها الإله الواحد!!
الاستقواء بالله:
من المهم أن يثق الإنسان بقدراته، لكن لا ينبغي أن يدفعه ذلك إلى نسيان ضعفه الغريزي واتكاله على ذاته، فهذا نبي الله يوسف يستعصم بإيمانه ويعتز بأخلاقه، ويواصل رفض دعوات الإغراء والإغواء التي جاءت من امرأة العزيز عندما راودته عن نفسه، فغلّقت الأبواب وقالت: {هيتَ لك}، أي هيّأت نفسي لك، وقد زادت الضغوط على يوسف عندما انضمت نسوة المدينة إلى امرأة العزيز في تأييد مطالبها الشهوانية الجامحة والمرفقة بالتهديد والوعيد، ولذلك فقد اعترف بضعفه إن لم يسنده الله بقوته، فقال: {وإلا تصرف عنّي كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين}[يوسف: ٣٣].
تجاورُ الخير والشر:
لا يزال الخير والشر يتجاوران في هذه الحياة بل داخل النفس البشرية الواحدة، والتي ألهمها الله فجورها وتقواها، ومن ثم فلن يتمحّض أحدٌ من الناس للخير أبداً.
وقد علّمتنا القصة القرآنية درساً شديد الأهمية في هذا الإطار، عندما نزلت الملائكة تبشر إبراهيم وزوجه بالولد، فإن هذه الملائكة هي ذاتها التي انتقلت من تبشير إبراهيم بالولد إلى إنذار لوط ابن أخيه بنزول العذاب الاستئصالي ضد من رفضوا دعوة التوحيد وعلى رأسهم زوجته!
فقد قضت رحمة الله بأن تحمل زوجة إبراهيم، وقضى عذابه بأن تهلك زوجة لوط وخسف بقرى سدوم فجعل عاليها سافلها، ليهلك الشاذون في بطن تلك الأرض التي تنجّس ظاهرها من أفعالهم الشنيعة!
بُورِك المُتدبِّرون
منتدى الفكر الإسلامي
وسوم: العدد 878