قصصُ العُروج(١٤٥)
نوائلُ التوفيق
سبيل التوفيق:
في طلب التوفيق من الله ينبغي للمؤمن أن يتبع الأسباب التي توصله إلى تحقيق مبتغاه، وبحيث يتصل بالله في مُنطلقه ومآبه، وهذا ما عناه نبي الله شعيب عندما قال: {وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب}، فقد توكل على الله في الذهاب إلى الأسباب، واعتمد عليه وحده في المآب، ونلاحظ كيف قدّم حرفي (عليه) و(إليه) على فعلي (توكلت) و(أنيب) ليفيد كمال التوكل.
وفي هذا السياق قال الله لحبيبه محمد: {قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب}، فهذا هو سبيل التوفيق والتفوق.
أنوار التسبيح:
عندما رمى ركاب السفينة يونس عليه السلام في البحر لم تنفعه معرفته بالسباحة رغم أهميتها، بل نفعه إتقانه للتسبيح: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}، ذلك أن التسبيح نيران تحرق حوالك الخطايا، وأنوار تضيء الدروب التي أظلمتها الذنوب!
انبعاث النصر من الداخل:
لا تزال العوامل الداخلية هي الحاسمة في صناعة النصر أو في جلب الهزيمة، حتى لو تدخلت الملائكة ذاتها كما يتضح من درس غزوتي بدر و أحُد، فقد قال تعالى في بدر: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}، وقال في أحُد: {إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يُمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزَلين}، فقد انتصر الصحابة في بدر عندما استنفذوا الأخذ بأسباب النصر وهُزموا في أحُد لتفريط مجموعة منهم ببعض الأسباب بشقيها المادي والمعنوي، مع أن الملائكة في أحد كانوا ثلاثة أضعاف عددهم في بدر!
كرامة الروح:
لقد كرّم الله بني آدم وفضلهم على كثير من خلقه تفضيلاً، لكن هذا التكريم لا علاقة له بالعنصر الطيني الذي يتكون منه الشق المادي من الإنسان، وإنما بالنفخة الروحية، كما قال تعالى: {فإذا سويتُه ونفخت فيه روحي فقعوا له ساجدين}، فقد علق سجود التكريم بحصول النفخة الروحية، وكأنّ كل من يُغفل هذه الروح؛ يُفرّط بتكريم الله له ويحرم نفسه من توفيق الله.
بُورِك المُتدبِّرون
منتدى الفكر الإسلامي
وسوم: العدد 878