النظام السياسي وضرورات الديمقراطية
أود أن أتناول في هذا المقال حول موضوع النظام السياسي وأهميته كمدخل وأساس لوحدة المجتمع وتماسكه من خلال عمل كل اجزاءه ومكوناته بكل فاعلية ونشاط وبتنسيق تام وتكامل فيما بينها جميعا من خلال تحديد الدور والمهام كما أقرتها القوانين والأنظمة المعمول بها وخضوعها لكل أشكال الرقابة وإجراء التقييم ومن ثم المحاسبة والمساءلة وتصويب الأداء والارتقاء به إلى مستويات افضل وحرص النظام السياسي على تعزيز الممارسة الديمقراطية من حيث الفصل بين السلطات الثلاث كل سلطة تأخذ دورها في اطار تكاملي مع السلطات وأن لا يكون استبداد في ذلك والحرص على المشاركة السياسية لكل قطاعات المجتمع ومكوناته واعطاء اهمية لدور المرأة والشباب .
ونأخذ في هذا الإطار النظام السياسي الفلسطيني كمثال نقف أمامه حيث يمر في ظل مرحلة التحرر الوطني لاسترداد حقوقه وتحقيق أهدافه المشروعة وطنياً وأخلاقيا ودولياً فالمكون الأساس لهذا النظام منظمة التحرير الفلسطينية وهي المرجعية والتي حصلت على جميع الشرعيات الفلسطينية والعربية والدولية ، والتي قادت نضال الشعب الفلسطيني في كل المراحل والمحطات وهي التي اقامت السلطة الوطنية وهي مرجعيتها والتي عانت التهميش والضعف وعدم انتظام اجتماعات دوائرها ومؤسساتها ولجانها واصبح الاهتمام بالسلطة ومؤسساتها على حسابها مما تطلب الحاجة الى تفعيلها وتطويرها باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني أينما تواجد ولتعزيز دورها التمثيلي للوقوف في وجه كل المؤامرات التي تحاول استهدافها والنيل منها والاهتمام بمؤسسات السلطة والتي هي مؤسسات دولة ، وأسست بجدارة وكانت ناجحة بشهادة العديد من المؤسسات الدولية والتي بطريقها للانتقال للدولة حسب القرار التي اتخذته القيادة بالحل من كل الاتفاقيات وتحميل دولة الاحتلال مسؤولية احتلالها وانتهاء المرحلة الانتقالية والانتقال من السلطة الى الدولة بناء على الاعتراف الأممي بها واستناداً لإعلان الاستقلال مما يتطلب في هذه المرحلة أهمية العمل على انجاز الاعلان الدستوري لملء الفراغ السياسي والحفاظ على مؤسسات وأجهزتها ودوائرها ولتعزيز قدرتها على العمل باعتبارها من انجازات الشعب الفلسطيني دفع ثمناً كبيراً من أجل الوصول إليها وكذلك تشكيل مجلس تأسيسي بمثابة برلمان مؤقت والعمل عل صياغة دستور للدولة .
وبالإشارة إلى المكون الأساسي الآخر للنظام السياسي الفلسطيني وهي فصائل العمل الوطني ودورها في النضال الوطني وباعتبارها مظلة العمل النضالي والتي يقع على عاتقها مسؤولية قيادة وتحريك الشارع الفلسطيني واستنهاض كل قطاعاته وطاقاته وزجها في مواجهة الاحتلال وسياساته العنصرية والفاشية ، وحقيقة أن هناك فجوة مع الشارع مما يتطلب الوقوف أمامها وبمسؤولية وطنية عالية والعمل على وضع العلاجات من أجل ردمها والتحضير لحراك شعبي واسع وشامل بخطاب واحد وشعارات موحدة ، والقضاء على كل أشكال ومظاهر الفوضى والفلتان التي تفتك ببنية المجتمع ، واعتقد أن هذه مسؤولية الفصائل في التنظيم والتوعية والتوجيه ، فأين نحن من ذلك في هذه المرحلة ؟؟
وأيضا يتطلب العمل على وضع مشروع " قانون الأحزاب " وأهمية ذلك في عملية التحول والانتقال.
أما فيما يتعلق بالحكومة ودورها باعتبارها مكون أساس من النظام السياسي وهي السلطة التنفيذية ، تقع عليها مسؤولية كبيرة فهي حكومة الشعب الفلسطيني وتحمل برنامج منظمة التحرير الفلسطينية ، أنجزت العديد من الملفات بتميز وجدارة منها الانفكاك التدريجي عن الاحتلال وعقدها للعديد من الاتفاقيات على الصعيد العربي لفتح آفاق أمام الاقتصاد الفلسطيني وادارتها بتفوق ونجاح لجائحة كورونا وإدارتها لملف " المقاصة " ، وكذلك عملها من أجل النهوض بالاقتصاد من خلال التنمية بالعناقيد والعمل على برنامجها القائم على تعزيز صمود المواطن الفلسطيني على أرضه وتوجهاتها وتحسسها بمعاناته وآلامه ، ووضع الحلول للتخفيف عنه.
أعتقد أن هذه المكونات الأساسية للنظام السياسي الفلسطيني والتي إن عملت بروح من التعاون والتنسيق والتكامل بين جميع هذه المكونات كل حسب الدور والمهمة في جو يحكمه المناخ الديمقراطي الحقيقي ، حيث يشكل هذا معول بناء لنظام سياسي ، عنوانه التغيير والتجديد ويحميه من كل مظاهر التآكل والضعف ، والتي تنعكس بدورها على وحدة المجتمع وتماسكه ، فقد أردت في هذا الموضوع الوقوف أمام هذه المرتكزات لأهميتها ، وذلك إسهاماً مني في النقاش العام حول ضرورات تطوير النظام السياسي الفلسطيني وصون المسيرة التاريخية والكفاحية والديمقراطية للشعب الفلسطيني .
وسوم: العدد 880