ضرورة قراءة مالك بن نبي باللّغة الفرنسية
سبق لي أن كتبت مقال بعنوان "مالك بن نبي الأديب"، وبتاريخ: الجمعة14جمادى الأول 1439 هـ الموافق لـ 02 فيفري 2017، أظهر من خلاله أن مالك بن نبي أديب قبل أن يكون مفكر، واستطاع أن يقدّم أفكاره بأسلوب أدبي مميّز. والتفاصيل مذكورة في المقال لمن أراد أن يعود إليه. وفي هذا المقال سيتم التطرق لنفس الفكرة؛ أي أن مالك بن نبي أديب لكن من زاوية أخرى وهي:
1. حين يقرأ المرء كتب مالك بن نبي باللّغة العربية لا يقف على أّنّه أديب ولا يتمتع بأدبه، والسبب -في تقديري- أن الترجمة سواء من إخواننا الأعزّاء في المشرق العربي حفظهم الله ورعاهم ولهم كل الشكر والثناء أو الجزائريين الذين لم يستطيعوا عبر مجهوداتهم المبذولة والتي يشكرون عليها أن يقدّموا مالك بن نبي للقارئ على أنّه الأديب.
2. في نفس الوقت يقف القارئ لكتب مالك بن نبي باللغة الفرنسية على حقيقة الأديب مالك بن نبي عبر كلماته الرقيقة حينا والقاسية حينا آخر، وأسلوب التحكم الذي يستعمله بكثرة ولا يشعر به إلا القارئ الحاذق، والمقارنة بين الأفكار والشخصيات بعبارات تحمل روح الدعابة لكنها قوية شرسة ذات معنى عميق تدل بصدق على حقيقة الشخصية أو الفكرة. ويبدو لي أن هذا الأسلوب هو أحد الأسباب الذي كان من وراء عداوة الكثير لمالك بن نبي.
3. أعترف أنّي وجدت صعوبة في استخراج أدب مالك بن نبي لأنّه لم يكتب للأدب إنما كان الأسلوب الأدبي الخاص بمالك بن نبي وسيلة من وسائل التّعبير عن أفكاره التي طرحها.
4. لم يكتب مالك بن نبي للأدب إنّما كتب للفكرة لكن بأسلوب أدبي أتقنه وأبدع فيه وهو يكتب باللّغة الفرنسية.
5. الكتب التي كتبها بنفسه باللّغة العربية كانت تفتقر للحسّ الأدبي لأنّه وإن كان يحسن العربية ومحبّا لها إلاّ أنّه لم يستطيع التعبير من خلالها بأسلوب أدبي باللّغة العربية. وقد اعترف بذلك ولا يحضرني الآن في أي كتاب قرأت اعترافه.
6. من أراد أن يقف على حقيقة مالك بن نبي من حيث الفكرة والأدب، فليقرأ له باللغة الفرنسية. ومن أراد أن يتعرّف على مالك بن نبي الأديب فليقرأ له كتبه باللّغة الفرنسية لأن الترجمة المقدّمة لم تستطع أن تبرز مالك بن نبي الأديب.
7. الكتب التي ألّفها أو ترجمها مالك بن نبي بنفسه إلى اللّغة العربية لم يستطع أن يبرز من خلالها أنّه الأديب وإن كان سليما إلا أنه لا يرقى إلى مستوى الإبداع والتميّز وهو يكتب باللّغة الفرنسية التي كتب بها وأبدع عبرها ووصل العالمية بفضلها وكتب أفضل الكتب بها.
8. سبق لصاحب الأسطر أن أثنى على مالك بن نبي مجهوداته في تعلّم اللّغة العربية وحرصه على أن يكتب كتبه الأخيرة باللّغة العربية وحرصه الشّديد على أن يبذل أواخر أيامه في الحرص الشّديد على ترجمة كتبه بنفسه.
9. مجهودات مالك بن نبي في الكتابة باللّغة العربية وإلقاء محاضراته باللّغة العربية الفصحى تستحقّ أن تكون مثالا وقدوة يقتدى بها.
وسوم: العدد 882