رسالة مهرجان أريحا تمثل الإرادة الدولية والحكمة الفلسطينية
زحفنا إلى أريحا ، إلى مدينة القمر ، إلى الأغوار الفلسطينية التي يريد الاحتلال سرقتها جهاراً نهاراً تحت لافتة ما يسمى بمشروع " الضم " ، الذي يحظى بدعم أمريكي محموم عبر ما سمّي بصفقة القرن الأمريكية .
" مهرجان أريحا " ملتقى سياسي وجماهيري مهم ، أوصل رسالة الشعب الفلسطيني إلى العالم وأوصل رسالة العالم إلى الشعب الفلسطيني والى كل العالم من خلال الكلمات الواضحة والصريحة والصادقة والثمينة التي عبر عنها أصدقاء الشعب الفلسطيني من ممثلي البعثات الدولية وسفراء الصين وروسيا واليابان والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والأردن الذي نتشارك معه بذات الموقف الصلب رفضاً لمخطط " الضم " والنهب والإحلال الاحتلالي على الأرض الفلسطينية .
كل هذه الكلمات أثلجت الصدور وجعلتنا أكثر قناعة بأننا على الحق ، وأننا على طريق الانتصار لدحر الاحتلال وإفشال مخططاته العدوانية والعنصرية وعلى رأسها مخطط الضم الذي تخطط حكومة الاحتلال لتنفيذه كما تقول في مطلع شهر تموز القادم .
شاركت في المهرجان إلى جانب حشد كبير من رفاقي في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني الذين توافدوا من القدس ومن كل محافظات الوطن وفي مقدمتهم الرفيق الأمين العام د. أحمد مجدلاني وأعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي ، إلى جانب مشاركة معظم قوى شعبنا الوطنية التي أبت إلا أن تسجل موقفها بشجاعة ـ أننا موحدون تحت إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا ، وتحت راية علم فلسطين الذي رفرف عالياً في سماء أريحا ، أقدم مدن العالم ، وأول إرهاصات الحلم الفلسطيني بإقامة دولة فلسطين المستقلة عبر مسيرة السلطة الوطنية الفلسطينية كمرحلة انتقالية نحو الدولة الحرة المستقلة والديمقراطية .
توافد الآلاف من الفلسطينيين من كل مكان ، وقام الاحتلال كعادته بإغلاق مداخل أريحا وعرقل وصول عشرات الآلاف الآخرين الذين أوصلوا رسالتهم على الطريقة الفلسطينية ، حيث اشتبك شباب فلسطين وفتيتها مع جنود الاحتلال المدججين بالجريمة والبطش والعنصرية ، الذين استخدموا كل أشكال القمع والتنكيل والعربدة لمحاولة الحّد من إيصال الصوت الفلسطيني والصرخة الفلسطينية التي وصلت ، رغم أنف الاحتلال وبلسانٍ عربي مبين ، حيث استمعنا إلى كلمة الصين بالعربية وكلمة روسيا بالعربية وكلمة الأمم المتحدة على لسان نيكولاي ملادينوف الذي قال كلمته الرائعة مخاطباً الفلسطينيين : ((لستم مستأجرين هنا ، هذا بيتكم)) ، واستمعنا بتقدير واحترام إلى كافة الكلمات التي عبرت عن الإرادة الدولية الحرة ، وعبرت عن حكمة الدبلوماسية الفلسطينية التي نجحت في إيصال صوت فلسطين إلى العالم الخارجي بشفافية عالية وتمسك بالحقوق والثوابت وتمسك بالشرعية الدولية ، رغم كل ما أحاط بنا من إجحاف وظلم تاريخي لأن شعب فلسطين يؤمن بالسلام القائم على العدل ، السلام العادل والشامل والمتوازن الذي يعيد الحقوق وفقاً لقرارات الشرعية الدولية .
هذا المهرجان الوطني الكبير في مدينة القمر يجب أن يشكل نقطة انطلاق جديدة في سياق المسيرة الوطنية والنضالية والعمل على استثمار المواقف الدولية التي عُبر عنها ، وان يتم البناء عليها في مواجهة العنصرية والعدوان والطغيان الذي تقوم به حكومة الاحتلال بحق شعبنا ومحاولات فرض الهيمنة الاحتلالية على الأرض الفلسطينية .
ربما تكون هناك ملاحظات حول المهرجان ، هنا أو هناك ، ولكن علينا أن نرى بايجابية لما جرى ، حيث مثل المهرجان تظاهرة فلسطينية وحضارية أمام كل العالم ، حيث شارك حشد من السفراء والقناصل وممثلي البعثات والمؤسسات الدولية وكانت الكلمات واضحة والرسائل مباشرة فلسطينياً ودولياً ، وهذا يؤكد ضرورة تعميق الشراكة الفلسطينية – العربية – الدولية بهدف إجهاض سياسات وإجراءات الاحتلال والإدارة الأمريكية المتواطئة حد الابتذال مع الاحتلال .
على المجتمع الدولي أن يكون جاداً في دعمه وإسناده للشعب الفلسطيني وتحقيق الهدف الوطني بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس ، والاختبار الحقيقي أمام العالم اليوم هو بلجم مشاريع وأجندات الاحتلال التصفوية ، ومن هنا وكما هي المواقف الروسية والصينية بوضوحها ، وكما هو موقف الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة فإننا ما زلنا نؤمن بأن هناك فرصة تاريخية لانجاز مشروع السلام الفلسطيني الذي تتبناه منظمة التحرير الفلسطينية ، فإما السلام حلاً عادلاً وشاملاً ، وإما الذهاب نحو المجهول الذي لن نخسر فيه أكثر من ذّل الاحتلال ، وسيدفع فيه الجميع ثمناً كبيراً لهذا الغباء والعنجهية الأمريكية والإسرائيلية المنفلتة .
وسوم: العدد 882