الغَايَةُ ..؟ وَالوَسِيلَةُ ..؟ وَ العِلَاقَةُ بَيْنَهُما ..؟

د. حامد بن أحمد الرفاعي

الغَايَةُ: هَدَفٌ.. والوَسِيلَةُ: سَبِيلٌ.. هَلْ الغَايَاتُ سَواءٌ..؟ بِكُلِّ تَأكِيدٍ لَيْسَت سَواءً.. فَمِنْهَا حَسَنٌ ومِنْهَا سَيءٌ ..وَمِنْهَا دِينْيٌّ ومِنْها دُنْيَويٌّ.. ومِنْهَا دِينْيٌّ وَدُنْيَويٌّ مَعاً.. وَهَلْ الغَايَاتُ تُحدِّدُ وَسَائِلَها ..؟ أمْ أنَّ الوَسَائِلَ تُحَدِدُ غَايَاتِها ..؟ أمْ أنَّ القِيَمَ هِي التَي تَحْكُمُ تَحْدِيدَ الغَايَاتِ والوَسَائِلَ ..؟ أمَّا في الإسْلَامِ فإنَّ الغَايَةَ العُليَا: عِبَادَةُ اللهِ تَعالى وَتَوْحِيدُه , وَعَدَمُ الشِرْكِ بِهِ هِي التي تُحَدِدُ الغَايَاتِ, وَتُشَرِّعُ نَوْعَ الوَسِائلِ لِقولِه تعالى:" وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ",ولِقوله سُبْحَانَهُ:" وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا". وَذلِك لإِقَامَةِ العَدْلِ وَعِمَارَةِ الأرْضِ, وَإقَامَةِ الحَيَاةِ ,وتَحْقِيقِ مَصَالِحِ النَّاسِ لِقولِه تعالى: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا". وَتَحْقِيقُ مَرْضَاةِ اللهِ تعالى وتَأمِيْنِ مَصَالحِ النَّاسِ.. هُو المِعْيَّارُ الذي يَحكُمُ تَحْدِيدِ صِحْةِ هَذِه  الغاياتِ وَوسَائِلِها.. فَإنْ اخْتَلَف النَّاسُ في مَعَاييرِ تَحْقِيقِ مَرضَاةِ اللهِ تَعَالى مِنْ حَيْثُ تَنَّوعُ مُعْتَقَدِاتِهم وتَنَاقُضُهَا .. فَلَا مُبَرِرَ لَهُم أنْ يَخْتِلِفُوا بِشَأنِ مَعَاييرِ اخْتِيارِ كُليِّاتِ مَصَالِحِهم وهي: (العَدْلُ, وَقُدْسِيَّةُ حَيَاةِ الإنْسَانِ وَكَرَامتِهِ وَحُريَّتِهِ.. وصِحْتُهُ وأمنُهُ وغِذَاؤهُ وَطُموحَاتُهُ.. وَحِفْظُ سَلَامَةِ البِيئَةِ بِشَقْيِهَا (الاجْتِمَاعيُّ والجَغْرَافيُّ). ومَصْلَحةَ الجَمَاعَةِ في ذلك كُلِّهِ تَبْقَى مُقَدَمَةٌ عَلًى مَصْلَحَةِ الفَرْدِ.. وَخُلاصةُ القُولِ: الغَايَةُ والوَسِيلَةُ فِي الإسْلَامِ.. قِيمَتان مُتَلَازِمَتان مُتَكَامِلَتان مَحْكُومَتَانِ بِالقِيَمِ الرَبَّانيَّةِ المُحَقِقَةِ لِمَرْضَاةِ اللهِ تَعالى.. والمُحَقِقَةِ لكُلِّياتِ مَصَالحِ النَّاسِ. وَهَذا مَا يُمَيّزُنَا عَنْ المَنْهَجِيَّةِ الفَجَةِ (الغَايَةُ تُبَرِّرُ الوَسِيِلَةِ) القَاعِدَةُ الرَعْناءُ التي أطْلَقَتْهَا المِيِكَافِيلِيَّةُ الشَرِسَةُ

وسوم: العدد 885