الدولة الثنائية القومية مرفوضة إسرائيليا
ينعقد الإجماع الآن على انتهاء حل الدولتين بين النهر والبحر بعد وضوح استيلاء إسرائيل عمليا على 61 % من الضفة الغربية ، ووجود 700 ألف مستوطن فيها وفي القدس ، واتجاه إسرائيل لضم ثلثها ، الضفة ، رسميا . ودفع هذا الإجماع بعض السياسيين وأهل الرأي فلسطينيين وعربا إلى الدعوة إلى الدولة الثنائية القومية مع شعور كثيرين منهم بأن أمام هذا الحل عقبة كبيرة عسيرة هي رفض إسرائيل لهذه الدولة لمناقضتها للمشروع الصهيوني الذي استهدف إنشاء دولة قومية لليهود في فلسطين ، وهو في ذات الوقت يتطلع إلى دولة أبعد من فلسطين ، دولة من النيل إلى الفرات . ومَن هذا تطلعه يستحيل أن يقبل بدولة في فلسطين أكثر سكانها عرب سيكونون سدا بشريا وقانونيا في طريق تطلعه . وإسرائيل التي ترفض دولة فلسطينية صغيرة في الضفة وغزة وبأقل شروط السيادة لن تقبل دولة ثنائية القومية . دولة الضفة وغزة أقل خطرا عليها من الدولة الثنائية القومية ولو في المستقبل القريب . وفي 19 يوليو 2018 حسمت إسرائيل رفضها لهده الدولة بإصدار الكنيست قانون الدولة القومية لليهود الذي عرف إسرائيل بأنها دولة قومية للشعب اليهودي مستثنيا حوالي مليوني فلسطيني في إسرائيل من حق تقرير المصير ، ومانحا كل يهودي في العالم هذا الحق امتدادا وتأكيدا لقانون حق العودة الذي منح لهم عند قيام إسرائيل . وتلح إسرائيل على اعتراف الفلسطينيين بيهوديتها شرطا من شروط أخرى لموافقتها على دولة لهم في ما تبقى من الضفة وغزة ، وإلحاحها ابتزاز وتضييع وقت وتظاهر برغبتها في حل متفاوض عليه . ولو وافق الفلسطينيون على شرطها هذا فمؤدى موافقتهم قبول قانون القومية اليهودي ، وإعطاؤها حجة قانونية وسياسية لطرد فلسطينيي 1948 . وسوء معاملتها لهؤلاء الفلسطينيين برهان عملي على رفضها للدولة الثنائية القومية . هؤلاء الفلسطينيون حسب القانون الإسرائيلي مواطنون إسرائيليون ، لكنها لا تعاملهم معاملة الإسرائيليين اليهود ، وتراهم قنبلة موقوتة ، وتضيق عليهم في قوانين الإسكان ، وتهدم بيوتهم مثلما تهدم بيوت الفلسطينيين في الضفة والقدس بذريعة البناء دون ترخيص ، وإذا طلبوا الترخيص الغالي الثمن رفضت أكثر الطلبات . إسرائيل تعرف ما تريد في صراعها مع الفلسطينيين والعرب ، وتسير في طريقها إليه بحساب دقيق وروية منضبطة في الوقت الذي يتصارع فيه الفلسطينيون صراع المتبايني الأهداف ، ويتقاتل فيه العرب تقاتل الأعداء ، ومنهم من يتقرب إليها تقرب الضعيف الذليل . بيئة مثلى للفوز بما تريده ، فلماذا تتخلى عنه ؟! لن تتخلى عنه إلا إذا واجهها شعب فلسطيني متحد بقيادة وطنية شجاعة جديدة ، وأمة عربية وإسلامية تعي أن إسرائيل خطر يزحف على الجميع ، وهي ، إسرائيل ، لن تعيق طريقها من بدايته بدولة ثنائية القومية تبدو الدعوة لها من بعض الفلسطينيين والعرب وليدة اليأس لا وليدة الأمل .
وسوم: العدد 886