فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ
إنَّ المُتَأملَ في الحَالَةِ العَالَميَّةِ الجَاريَّةِ, يَجِدُ بِوضُوحٍ أنَّ المَسيرَةَ البَشريَّةَ في خَطَرٍ مُرْعِبٍ .. وأنَّ مِنْ أبرزِ سِمَاتِ هَذَا الخَطَرِ : طُغْيَانُ ثَقَافَةِ عَسْكَرَةِ العِلَاقَاتِ الدَوْليَّةِ علَى حِسَابِ ثَقَافةِ الأمْنِ والسْلاَمِ. وَهَذَا التَوْجُهُ يَدفَعُ بِالمَسِرَةِ البَشَرِيَّةِ إلى مَتَهَاتِ الدَمَارِ والهَلاكِ ..مِمَّا:
- يُغلِقُ أبوابَ التَعَارفِ والتَفَاهُمِ والمَوَدةِ والتَعَايُشِ البَشَريِّ .
- ويُنمّى مَنْهَجيَّةَ التَدَابُرِ والتَخَاصُمِ والتَصَادُمِ بَيْنَ الثَقَافَاتِ والحَضَارَاتِ.. ويؤصِّلُ نَزْعَةَ الرُعْبِ والهَلَعِ في نُفوسِ الأجيَالِ.
ولِمُواجَهَةِ هَذه المَخَاطرِ المُدَمْرَةِ.. وجهَ القُرآنُ الكريمُ نِدَاءَه للبشريَّةِ لِتَدخُلَ مَيَادينَ التَسَابُقِ فِي فِعْلِ الخَيْراتِ.. كما في قوله تعالى:" ولِكُلٍّ وجْهَةٌ هو مُولِّيها فَاسْتَبِقوا الخَيْرَاتِ "وكَمَا في قَولِه جلَّ جلاَلُه :" لِكُلٍ جَعَلنَا مِنْكُم شِرْعَةً ومِنْهَاجاً ولَو شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُم أمَةً واحِدَةً ولَكنْ لِيَبلُوكَم فِيمَا آتَاكم فَاْستَبِقوا الخَيْرَاتِ". وقَدْ رَجَعتُ إلى أقْوَالِ المُفَسِرين رحمهم الله تعالى في تَأويِلِ عِبَارَةِ:" فَاْستَبِقوا الخَيْرَاتِ " فَوَجدتُهم مُجْمِعِين عَلَى :(أنَّ الله تعالى يَدعوا النَّاسَ علَى اختِلافِ انْتِمَاءَاتِهِم وتَوجُهَاتِهم وشَرائعِهم إلى التَنَافُسِ في فِعْلِ الخَيْرِ , فَذلِك أجْدى فِي البُرهَان علَى الحَقِ الذي يَدْعيِه كُلٌ مِنْهُم ). أجل.. إنَّ هَذا النِدَاءَ الرَبَّانيَّ العَظيمِ ( فاستبقوا الخيرات ) لَهُو أوْضَحُ بَيانٍ وأبلَغُ حُجَةٍ وبُرهَاٍن علَى أنَّ رِسَالَةَ الإسْــلَامِ العَظيمِ ..إنَّمَا هِي رِسَالَةُ تَحْقيقِ الخَيْرِ في الأرضِ .. وأنَّها رِسَـــالَةُ العَدْلِ والأمـْــنِ والسْـــــلَامِ والاسْتِقْرَارِ والتَنْميَّةِ الرَاشِدَةِ. فَهَلاَّ عَمِلنَا على تَفَهُمِ والتِزامِ قِيَمِ الإسْلاَمِ العَظِيمِ.. وَهَلاَّ عَمِلنَا علَى تَعْرِيِفِ النَّاسِ بِقِيمِهِ العَادِلَةِ الرَاشِدةِ .. أرْجُو ذَلِكَ وَالله سُبْحَاَنَهُ المُسْتَعَانُ.
وسوم: العدد887