اتفاقُ الخامس من آذار وعقدة البندين الثالث والرابع
للمرة الأولى يُعلن عن نجاح الدورية المشتركة: الروسية – التركية، على M4، في الوصول إلى المسافة التي ينصّ عليها اتفاق الخامس من آذار بخصوص إدلب، حيث وصلت الدورية إلى عين الحور/ غرب جسر الشغور، لتتابع بعدها الدورية الروسية طريقها إلى اللاذقية، و تعود التركية إلى قرية الترنبة.
وبذلك تكون الأمور قد تجاوزت البندين: الأول والثاني، وأصبح لزامًا على الدولتين الراعيتين لهذا الاتفاق الانتقال إلى البند الثالث، تمهيدًا إلى الرابع؛ لأنّ عقدة تسيير الدوريات، وضمان وقف القتال قد تحقّق بالنسب المقبولة، ولم يبقَ للروس ذريعة تعيق الانتقال إلى عودة قوات النظام إلى حدود أستانا، وعودة النازحين في مخيمات الشمال إلى قراهم ومناطقهم، وهو الأمر الذي ضمنته روسيا لتركيا في قمة موسكو، التي أسفر عنها ذلك الاتفاق.
يأتي ذلك بعد سلسلة المباحثات التي شهدها مقر وزارة الخارجية التركية، مع الوفد الروسي الذي زار أنقرة، في يومي: 21- 22/ تموز الجاري، تمّ التباحث فيها بخصوص الملفين: السوري، والليبي، بحسب البيان الصادر عنهما، وبعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني إلى موسكو، يوم الثلاثاء: 21/ 7 .
إلى جانب ذلك فقد شهدت القوات التركية المنتشرة في إدلب تطورًا وتصعيدًا لافتًا للنظر، تمثَّل في هجوم مسلح على القاعدة التركية، المتمركزة في بلدة ترمانين/ شمال إدلب، يوم الثلاثاء: 21/ 7، عندما قام مجهولون بإطلاق النار عليها، ممّا أدى إلى مقتل عنصر من الجيش الوطني السوري، وجرح آخر، كانا في محيط القاعدة المذكورة في أثناء الهجوم، وفي وقت سابق تعرّض جنديين تركيين من النقطة التركية المتمركزة في مدينة سرمين/ قرب سراقب، لإطلاق نار من شخص يقود دراجة نارية، برفقة مسلح آخر معه، وذكر شهود عيان أن دورية من الجيش التركيّ، قد طاردت المهاجمين على الطريق بين سرمين و إدلب، و تمكنت من قتل أحدهما، ونقلت جثته إلى مكان مجهول، في حين تمكن الآخر من الفرار على الرغم من إصابته.
ليست هذه هي المرّة الوحيدة التي تتعرّض فيها النقاط التركية إلى هجوم مسلح، فقد سبق أن تعرّضت في: 27/ 5- الفائت، دورية على الطريق الواصل بين حلب – اللاذقية، وقتل حينها جنديّ تركي، وأصيب آخرون، فيهم عناصر من فيلق الشام، كانوا برفقتها، مثلما حدث أن تعرّض رتل تركي في أثناء مروره على طريق M4، عقب الإعلان عن البدء في تسيير الدوريات المشتركة عليه.
تأتي هذه التطورات في ظلّ حالة من الانتظار اليائس، في عودة أكثر من مليون سبعمائة ألف نازح، إلى قراهم في شمال حماة وريف إدلب الشرقي، اكتظت بهم المخيمات على الحدود التركية، وفي ظلّ توقف شبه تام للمنظمات الإغاثية، وحالة ارتباك للمساعدات الأممية، على الرغم من الموافقة على استئناف تدفقها من معبر باب الهوى على وجه التحديد.
لقد وصلت الأمور في عموم مناطق الشمال السوريّ إلى حافة الهاوية، وتخطّت حدود الصبر، وما عادت التصريحات تجد طريقها إلى ما يقرب من أربعة ملايين يعيشون ظروفًا جدّ مأساوية في محافظة إدلب، وقد نتج عن ذلك نسب مرعبة للجريمة، ويخشى أن تصنّف كجريمة منظمة في وقت ليس ببعيد.
ولذلك يرى عدد من المراقبين أن الأمر يصعب أن يفسّر على أنّه تشويش على المساعي التركية في التنسيق مع الروس، وفق اتفاق الخامس من آذار، بل بات يحمل رسائل امتعاض من تلكؤ عودة هذا المليون والسبعمائة وخمسين ألفًا إلى قراهم ومناطقهم، بحسب المهلة التي حددها الرئيس أردوغان في كلمته أمام كتلة حزبه البرلمانية في: 21/ 2/ 2020، لانسحاب القوات المهاجمة إلى حدود اتفاقية أستانا، التي كان من المفترض أن تنتهي في آخر الشهر الثاني، وقد باتوا اليوم على بُعد خمسة أشهر من إنذار الرئيس أردوغان الشهير، وما تزال الأمور على حالها.
وسوم: العدد887