الاقْتِصَادُ الآمِنُ
إنَّنَي مِثْلُ غَيْري مِنَ النَّاسِ قَلِقٌ مِنْ حَالَةِ الاقْتِصَادِ العَالَمِيِّ ..! فَبَعْضُ النَّاسِ قَلِقٌ الاَّ يَحْصَلوا عَلَى المَزِيدِ مِمَّا لَدِيهِم ، وآخَرُون قَلِقُونَ ألاَّ يَجِدُوا مَا يَسُدُ جَوْعَتِهم .. فَالكُلُّ في ضِيقٍ وضَنَكٍ والكُلُّ يَصْرِخُ.. مِنْهُم مَنْ يَصْرَخُ ألَمًا مِنْ جُوْعِهِم ، وَآخَرُون يَصْرَخُون ألماً مِنْ أمْرَاضِ التُخْمَةِ. ولَكِنْ لِمَاذا هُم كَذَلِك ..؟ لأنّهم في إعراضٍ عَنْ سُبِلِ الهُدى والرُشْدِ. مِنْهُم مُعْرِضٌ إيمَانِيًّ لقوله تعالى : " وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا " وَمِنْهُم مُعْرِضٌ عَنْ الكَدْحِ والمَشْيِّ في الأرْضِ لقوله تَعالى : "فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ."أجَلْ الْكُلُّ فِي إعْرَاضٍ .. وبَعْدُ فَكَيْفَ نُعَالِجُ الأمْرَ ..؟ بِكُلِّ تأكِدٍ العِلاَجُ يَكونُ في إقَامَةِ تَوازُنٍ جَادٍ في بِنَاءِ تَرْبِيَةِ الأجْيَالِ وَثَقَافَتِهِم, وَذَلِك عَلَى أسَاسٍ مِنَ التَكَامُلِ والتَلاَزُمِ بَيْنَ ثَقَافَةِ الإيِمَانِ والأخْلاَقِ , وَثَقَافَةِ الكَدْحِ والعَمَلِ.. أو التَكَامُلِ والتَلاَزُمِ بَيْنَ العِبَاَدةِ الرُوحيَّةِ , والعِبَادة العِمْرَانِيَّةِ .. وبعِبَارةٍ أخرى التَكَامُلِ والتَلاَزُمِ بَيْنَ مَحَارِيبِ العبادَةِ في المَسَاجِدِ , وبَاقِي الْمَعَابدِ , وَبَيْنَ مَحَارِيبِ العِبَادَةِ في السُوقِ, والإسْلَامُ يُقَرِرُ أنَّ الاقْتِصَادَ الآمِنَ هُو السَبِيلُ الرْاشِدُ لإقِامَةِ الأمْنِ وَالسْلَامِ العَالَمِيِّ .. ولَكِنْ مَا هُو الاقْتِصَادُ الآمِنُ ..؟ فَهُو الاقْتِصَادُ القَائمُ علَى التَكَامُلِ والتَوازُنِ بَيْنَ ثَقَافَةِ الانْتَاجِ وَثَقَافَةِ الاسْتِهْلَاكِ , وبالتَوْقُفِ عَنْ مُمَارَسَةِ اسْتِغْلاَلِ حَاجَةِ الفُقَرَاءِ وذِي الفَاقَةِ , عِبْرَ اتِبَاعِ النِظامِ الرِبَويِّ المُدَمِرِّ.. واللهُ تَعالَى يَقُولُ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ, فَإِنْ لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ". نَسْالُ الله تَعالى العَفْوَ والعَافيَةَ.
وسوم: العدد887