التقدّم يكون نحو القيَم السامية، والصعود إلى القمم العالية، فهل يتقدّم العالم، ويصعد؟
معلوم، لدى عقلاء البشر، عامّة ، أنّ التقدّم، إنّما يكون، باتجاه القيم السامية النبيلة.. وأنّ الصعود يكون ، نحو القمم العالية ، السامقة الشمّاء ! أمّا التخلّف ، فيكون باتجاه القيَم الفاسدة .. وأماّ الهبوط فيكون ، نحو الأودية والمنحدرات !
لقد كان البشرحفاة عراة ، فتقدّموا ، نحو اختراع الأحذية والألبسة ..!
وكانوا همَجاً ، يتقاتلون على الأمور التافهة ، فنظّموا حياتهم ، وتحضّروا ، وصاروا يَحلّون مشكلاتهم ، بالحوار المنطقي الهادئ ؛ سواء أكانت اجتماعية ، أم اقتصادية ، أم سياسية .. أم غيرذلك !
فإلى أين تسير البشرية ، اليوم ؟
هل تسير، في طريق التقدّم والتحضّر والتمدّن ، حقّاً ، كما يزعم بعض القيّمين ، على حضارتها .. وكما تردّد الببغاوات اللاهثة خلفها ، من المحسوبين على أمّتنا ، وعلى الأمم المتخلّفة ؟ وهل تصعد البشرية نحو القمم السامقة .. أم تهبط نحو الأودية والمنحدرات ؟ وهل تحرص ، خُلقياً ، على السباحة ، في المياه النظيفة الطاهرة ، كما تحرص ، على ذلك ، جسدياً .. أم تغوص ، في المستنقعات الآسنة والأوحال، فتلوّث عقولها وقلوبها ، بسائر أنواع الدنس !؟
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، التي غاص ، في دمائها ، العالم ، إلى الركَب ، قبل أن تجفّ أقدامُه ، من دماء الحرب العالمية الأولى .. منذ ذلك التاريخ ، بدأ عقلاء الحضارة ، يقرعون جرس الإنذار؛ بأن الحضارة تهوي ، وبأن القيَم تسقط وتنهار، وبأن العالم المتمدّن ، أوشك على الإفلاس! وهاهي ذي ، كُتب كولون ويلسون ، ماتزال تتلى، بين المتحضّرين، إلى اليوم ، مثل: اللامنتمي ، ومابعد اللامنتمي، وسقوط الحضارة ، وغيرها ! بَيدَ أن صيحاته ، التي أطلقها ، في منتصف القرن العشرين، ذهبت أدراج الرياح ،عمَلياً ، أو صارت أصداء تتردّد ، في أودية سحيقة، من الخيبة والتشاؤم ؟ بل ، ماكان خزياً وانحطاطاً ، في عهد ويلسون ، صار، اليوم، أعرافاً ، وحقوقاً محمية بالقوانين ، مثل : الشذوذ ، الذي أهلك الله به ، قوم لوط .. وغيره من الموبقات ، التي يخجل منها ، كلّ ذي عقل سليم ، وقلب حيّ !
فإلى أين، ياعقلاء البشر؟ وإلى أين، ياسدنة الحضارة ؟ وإلى أين، أيّها العمي الصمّ، من المحسوبين على أمّة الإسلام ؟ إلى أين ؟ وإلى متى ؟
وسوم: العدد887