حبُ الجَارِ
حُبُ الجَارِ فِي الإسْلَامِ حَقٌ مُطْلَقٌ.. يُبْذَلَ لِكُّلِّ جَارٍ عَلَى الإطْلَاقِ مِنْ دُونِ تَمْييزٍ لِقَولِه تَعالى: "وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ". وَعَظّمَ الإسْلَامُ مِنْ حَقِ الجَارِ لِقَولِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" مَا زَالَ جِبرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَى ظَنَنْتُ أنَّه سَيورِّثُه". وَيَربِطُ الإسْلَامُ حُبَ الجَارِ بِالإيِمَانِ فَيَقُولُ سَيّدُنَا وَرَسُولُنَا مُحَمَد صلى الله عليه وسلم: "وَالَذي نَفْسِي بِيَدِه لَا يُؤمِنُ عَبْدٌ حَتَى يُحِبَ لِجَارهِ مَا يُحِبُ لِنَفْسِهِ". وَهَذَا التَأصِيلُ الإيِمَانِيُّ لِحُبِ الجَارِ.. إنَّمَا يُؤسِسُ لِرُؤْيَةٍ وفَلْسَفَةِ إسْلاَمِيَّةٍ إنْسَانِيَّةٍ شَامِلَةٍ لِلْحُبِ ,عَلَى كَافَةِ المُسْتَويَاتِ الفِرْدِيَّةِ وَالْوِطَنِيَّةِ وَالإقْلِيمِيَّةِ وَالْعَالَمِيَّةِ.. فَحُبُ الجَارِ يَبْقَى قِيمَةً رَبَانِيَّةً سَامِيَةً.. يُؤكِدُ الإسْلَامُ أنْسَنَتَها وَعَوْلَمَةَ غَايَاتِها الطيَّبَةِ.. وَذَلِكَ مِنْ أجْلِ بِنَاءِ ثَقَافَةِ الْبِرِ وَالْمُودَةِ وَالْعَدْلِ وَالتَعَايُشِ الآمِنِ بَيْنِ المُجْتَمَعَاتِ.. حَيْثُ يَقُولُ رَسُولُ الْحُبِ وَالْرَحْمَةِ وَالأخُوةِ الإنْسِانِيَّةِ سَيّدُنَا وَرِسُولُنَا محمد صلى الله عليه وسلم: "لَا يُؤمِنُ أحَدُكُم حَتَى يُحِبَ لِأخِيهِ مَا يُحِبُ لِنَفْسِهِ" وَيُعَلَّقُ ابنُ رَجَبٍ الْحَنْبَلِي فَيَقُولُ: "الأخُوةُ هُنَا هِي الأخُوةُ الإنْسِانِيَّةُ عَلَى الإطْلَاقِ". فَثَقَافَةَ الْحُبِ وَالْمُودَةِ وَالْرَحْمَةِ.. هِي مَادَةُ الإسْلَامِ وَجَوهَرُ رِسَالَتِه.. وَلنَتَأملَ كَلِماتِ الهُدَى الْنَبَويِّ يُطْلِقُها سَيّدُنَا ورسُولُنَا محمد صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: "الْخَلْقُ كُلُّهم عِيَالُ اللهِ(أي عَاَلةٌ عَلَى اللهِ) وَأحبُهم إلَى اللهِ أحبُهم لِعِيالِهِ". وَيَحْفِّزُ الإسْلَامُ النَّاسَ وَيُرَغِّبُهم بِالتَّحَابُبِ, وَالتَنَافُعِ فَيَقُولُ رَسُولُنَا صلى الله عليه وسلم :"خَيْرُ النّاسِ مَنْ نَفَعَ النّاسَ".وَبَعْدُ ..هَلاَّ شَدْت البَشَرِيَّةُ رِحَالِهَا إلى مَنَابعِ الهُدى الرَبَّانيِّ ..؟ تَنْهَلُ مِنْ قيَمِه مَا يُحَقِقُ لَهَا خَيْرَ الدُنْيَا والآخِرَةِ.
وسوم: العدد 888