مِنْ لِعْبَةِ الأُمَمِ إلَى عَرْبَدَةِ الأُمَمِ
من الأمثالِ المُتَدَاولَةِ "من عَنْتَرَكَ يا عنتر..؟ قال: مَا لَقيت حَدْ يَصُدْني".وفي القرنِ التاسع عشر" تحدث عبد الرحمن الكواكبي - يرحمه الله تعالى عن " طَبَائعِ الاسْتِبْدَادِ ومَصَارِعِ الاسْتِعْبَادِ" وفي القرن العشرين تحدث مالك بن نبي - يرحمه الله تعالى عن "القَابِليَّةِ لِلاسْتِعْمَارِ". وقلت سابقاً: (أنَّ أقْوَالَ وأفْعَالَ بَعْضِ المُسْلِمين رُبَّما تَكونُ أخْطَرَ علَى أنْفُسِهم مِنْ تَآمُرِ المُتَآمِرين). والله تعالي يقول للنَّاسِ: "قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ" واليَوْمَ أتَحَدثُ عن(عَرْبَدَةِ الأمَمِ) في سِياقِ تَذَكُّرِ مَأسَاةِ "لِعْبَةُ الأمَمِ" وهُو عِنْوانُ كِتَابِ لِضَابِطِ مُخَابَرَاتٍ أمَرِيِكَيٍّ اسْمُهُ مَايْلز كُوبْلَاند ((Miles Copelandوقَدْ فَضَحَ في كِتَابِه هَذَا خِطَطَ وَزَارَةِ الخَارِجيَّةِ الأمَريِكيَّةِ ,والبَنْتَاغون الأمَرِيِكيِّ, وَوَكَالَةِ الاسْتِخْبَارَاتِ الأمَريِكيَّةِ المَرْكَزيَّةِ(CIA).بشَأنِ إضْعَافِ العَالَمِ العَرَبِيِّ والإسْلَاِمّيِّ , والعَمَلِ عَلَى تَفْتِيتِ بُلْدَانِهم لِصَالِحِ تَمْكِينِ الكيِانِ الإسْرِائيِلِيِّ وَغَيْرِه مِنَ الكِيَانَاتِ المُعًادِيَةِ .. التِي تَتَطَلعُ الأقَليَّاتُ الدِينيَّةِ والطَائِفيَّةِ والقَوْميَّةِ فِي المَنْطِقَةِ إلى إقَامَتِها, علَى حِسَابِ هَيْبَةِ ومَكَانَةِ بُلْدَانِ الأمَةِ العَرَبيَّةِ والإسْلَاميَّةِ.. ومِنْ أخْطَرِ مَا جَاءَ في الكِتَابِ قَوْلُ مَايْلز كوبْلاند :" لَقَدْ كَانَ الرَئيِسُ جمال عبد الناصر يَشْتِمُنَا ويُهَدِدُنَا مِنْ شُرْفَةِ قَصْرِ القُبْةِ فِي القَاهِرة.. وَنَحْنُ فِي الدَوْرِ المُبَاشرِ تَحْتَ الشُرْفَةِ نَرْسِمُ لَه الخِطَطَ والتَوْجِيهَاتِ لِإنْفَاذِ مَا نُرِيدُه بِالمَنْطقَةِ ومُسْتَقبَلِها السِياسِيِّ والأمْنِيِّ..؟؟؟!!! وَالمُتَأمِلُ لِلُعَبِ السيَاسَة الأمَرِيكيَّةِ وَعَرْبَدَتِهَا , يَسَتَطيعُ فَهمَ حَقِيقَةِ الشِعَارَاتِ الرَنْانَّةِ التِي تُطْلِقُها إيرانُ الفَارِسيَّةِ: "اللهُ أكبَرُ المُوتُ لِأمريِكا.. المُوْتُ لإسْرَائيِل.. اللَعْنَةُ لِليَهُودِ.. النَصْرُ لِلإسْلَامِ". قَالَ لي أحَدُهم: " مَا دَلِيُلكَ علَى أنَّ مَا تُسميِّه "عَرْبَدَةَ الأُمَمِ" إنَّمَا هُو اسْتِكْمَالٌ لِلُعْبَةِ الأُمَمِ..؟ قُلتُ: وهَل أنْتَ مُقْتَنِعٌ بِلُعْبَةِ الأُمَمِ..؟ قالَ: إلىَ حَدٍ كَبِيرٍ..! قُلْتُ: لِمَ الدَلِيلُ إذاً..؟ قالَ: لِيَطْمَئنَ قَلْبِي.. قُلْتُ: إنَّ مِثْلَ هَذَا الاطْمِئْنَان فَاْبحَث عَنْهُ في أطْنَانِ الوَثَائِقِ التِي نَشَرَها ويكيليكس..وَعَليْكَ أنْ تَعْلَمَ أنَّ فُنُونِ الرَبْطِ مَا بَيْنَ التَآمُرِ القَدِيمِ(لُعْبَةُ الأُمَمِ) وبَيْنَ التَآمُرِ الجَدِيدِ(عَرْبَدَةُ الأُمَمِ) لا يَقْدِرُ علَيْهَا إلا أهْلُ الدِرَايَّةِ والخِبْرَةِ لِقَولِه تعالى: "وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ" أجل.. إنَّ الفَرْقَ لكبيرٌ وكبيرٌ جِدًا بَيْنَ مَنْ يَلْهَثُ وَرَاءَ الحَدَثِ, وبَيْنَ مَنْ يَصْنَعُه ويُتْقِنُ أدَاءَ آليَّاتِه.
وسوم: العدد 888