الهوى .. والهوى السياسي !
قال تعالى : (أفرأيتَ مَن اتّخَذَ إلهَه هَواه وأضلّه الله على عِلم وخَتَمَ على سمعِه وقلبِه وجَعل على بَصرهِ غِشاوَةً فمَن يَهديه مِن بَعد الله أفلا تَذَكّرون) .
وقد وَردَ ، في الحديث الشريف : (لايؤمن أحدُكم حتى يكون هَواه تَبَعاً لِما جئتُ به).
وتأييدُ ذلك ، من القرآن الكريم :
(فلا وربّك لايؤمنون حتى يُحكّموك فيما شَجَرَ بينهم ثمّ لايجدوا في أنفسِهم حَرجاً ممّا قَضيتَ ويُسلذموا تسليماً) .
من تعريفات الهوى : الحبّ .. العِشق .. ويكون الهوى في الخير والشرّ !
والفِعل من الهوى (الحبّ أو المَيل) : هَوِيَ يَهوى ، فهو هاوٍ!
وتأتي كلمة (هوى) ، بمعنى سَقط من مكان عالٍ ، وبمعنى : هَلكَ ! والفِعل هَوى يَهوي ، أسم الفاعل منه : هاوٍ !
فالهاوي : وصفٌ ، يُطلق على المُحبّ ، أو العاشق ؛ يقال : فلانٌ هاوٍ !
والهاوي : وصف ، يُطلق ، كذلك ، على الساقط من مكان عال ؛ فيقال: فلانٌ هاوٍ!
وسياقُ الكلام ، هو الذي يوضح المراد ، من كلمة : هاوٍ !
وهنا ، نعود ، إلى مضمون الأية الكريمة (أفرأيتَ مَن اتّخذَ إلهَه هَواه ..) ، ومضمون الحديث الشريف : (لايؤمن أحدُكم حتى يكون هَواه تَبَعاً لِما جئتُ به) .. فنقول :
الهوى أصناف ، وكلّ صنف ، قد يكون في الخير، أو الشرّ ! فمِن أصناف الهوى، بمعنى الحبّ أو المَيل : هوى الأشخاص .. هوى الأشياء .. هو المبادئ والعقائد.. هوى الأفكار.. هوى الأحزاب ..!
فمّن جعل هواه ، في غير ما جاء به محمّد ، فهو هاوٍ ، بمعنى مُحبّ ، وهو هاوٍ، بمعنى هالك !
فإذا دخل الهوى ، بشكل واضح ، في حبّ الأشخاص والأشياء ، فهو داخل ، كذلك، بشكل واضح ، في حبّ المبادئ والعقائد والأفكار! وهنا ، تَدخل النيّة ، عنصراً حاسماً ، في الموضوع ؛ فترفع صاحبها ، إلى الهوى المحمود ، أو تضعه في إطار الهُويّ ، المؤدّي إلى الهاوية !
فحبّ المجرمين الضالّين ، وأفعالهم ، وأحزابهم .. يُعَدّ هُويّاً ، يسوق إلى الهاوية ؛ إذا كان هوىً حقيقياً !
أمّا الدخول ، في أحزاب الإجرام والضلال ، لأهداف فيها خير، ومصلحة للأمّة، فيرجى أن يكون ، فيه هوىً من الصنف ، الذي جاء به محمّد ! وقد فَرضت أحزاب معيّنة ، حَكَمت بعض الدول .. فرضت على مواطني الدولة البالغين العقلاء ، كلّهم، الانتماء إلى الحزب الحاكم ، لتأمين حاجاتهم الأساسية، وتحقيق مصالحهم البسيطة ، والتخلص من المضايقات الأمنية الإجرامية ..! وهذا تعسّف ممجوج ، لكنه يَفتح نوافذ ، لمن أراد الخير للأمّة !
وسوم: العدد 892