انعدام تطبيع العلاقات بين إسرائيل… والإنسانية!
تبدو إسرائيل مهووسة هذه الأيام بتطبيع العلاقات هنا وهناك، وتنسى أن عليها أولاً تطبيع العلاقة مع السلوك الإنساني.
فقد قرأت خبراً مثيراً للاشمئزاز، وهو أن «إسرائيل تحرم الأسرى الفلسطينيين من إعطائهم اللقاح ضد وباء كورونا».. وقد يكون ذلك أفضل من تطعيمهم بما لا ندريه لاستعمالهم في الوقت ذاته كفئران اختبار، ولم لا وهي التي تحرمهم من زيارات الأهل وتعرضهم لسوء المعاملة والإهانة والتعذيب، وإسرائيل سعيدة بتحويل المعتقلات بيئة خصبة لنشر الكورونا.. مقابل هذه الصورة (الهتلرية) النازية بالتعامل مع الأسرى الفلسطينيين الذين ذنبهم أنهم يتمسكون بوطنهم فلسطين بأي ثمن من حياتهم وعافيتهم، تحاول إسرائيل مقابلها تقديم صورة حضارية عن نفسها في عدة حقول!
ذاهب إلى إسرائيل لتلقي اللقاح!
أحد جيراني الفرنسيين قال إنه يفكر بالذهاب إلى إسرائيل لتلقي اللقاح ضد كوفيد 19 بعد البطء في ذلك في فرنسا. فقد افتخرت إسرائيل إعلامياً بسرعتها في التلقيح ضد الوباء، ولم تذكر أولئك الأسرى الفلسطينيين الذين تحرمهم من ذلك ومن العلاج، كأنها تحول سجونها إلى معتقل لقتلهم يذكرنا بما راحت إسرائيل تتاجر به، وهو سوء معاملة اليهود أيام النازية ودفعهم إلى الموت. وتحاول إسرائيل تحسين سمعتها إعلامياً على الصعيد الفني، ولذا صرنا نرى التلفزيونات الأوروبية تعرض أفلاماً من إنتاج مشترك مع إسرائيل، ويزداد بعض (مطربيها) شهرة في فرنسا، ناهيك عن الفنون الشعبية الفلسطينية المختلفة التي انتحلتها، كفن الطبخ والتطريز وسوى ذلك من التراث الفلسطيني. ولكننا في عالمنا العربي نعيش في كوكب آخر، وهو الاقتتال فيما بيننا، ويخلو الجو لإسرائيل للتطبيع مع كل شيء إلا الإنسانية نحو الأسرى الفلسطينيين.
عاشق «البيت الأبيض» السيد ترامب
حدثتكم عن «سحر الكرسي» الذي ما إن يجلس الكثيرون عليه إلا ويرفضون مغادرته، كرسي الحكم. ويبدو أن رئيس الجمهورية السابق ترامب من ضحايا عشق ذلك الكرسي، وعلى الرغم من هزيمته في الانتخابات أمام جو بايدن رئيس الجمهورية الحالي، إلا أنه لا يريد التخلي عن الكرسي حتى ولو تسبب ذلك في اقتحام (أنصاره) للكابيتول معقل الديمقراطية الأمريكية، وكان بعض أنصاره لا يشرفونه، وبينهم من نرى في صوره وشم النازية وكراهته للسود.
وذكرت مجلة «كلوسر» الفرنسية أنه تم اعتباره الرئيس الأكثر سوءاً الذي مر على الولايات المتحدة الأمريكية في رأي 170 كاتباً سياسياً أمريكياً. كعربية، لن أغفر له يوماً حكاية (غرامه)بإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية.. كفعل تحد واستخفاف بالعرب، وناهيك عن (إهداء) نتنياهو المزيد من الأراضي الفلسطينية لتشييد مستوطنات جديدة بعد هدم بيوت الفلسطينيين.
لا أعرف شيئاً عن السلوك السياسي للرئيس الجديد جو بايدن، ولكنني أتمنى ألا يكون أكثر رداءة من تعامل السيد ترامب مع الفلسطينيين العرب.
أطلقوا الرصاص… لكن على الأمل
في أتصال هاتفي مع صديقة لبنانية قالت لي إن ليلة رأس السنة منذ حوالي الشهر كانت من أكثر الليالي رداءة في حياتها!
سألتها: لماذا؟
قالت: لأن إطلاق الرصاص (الاحتفالي) قرب بيتها لم يتوقف، وأعادها إلى ذكرى أيام الحرب الأهلية.
لا أستطيع أن أفهم تلك العادة اللبنانية باستقبال ليلة السنة الجديدة بإطلاق الرصاص العشوائي، كما عادتهم في الاحتفال بالانتصار (الديمقراطي!) لأحد زعمائهم.
على من يطلقون الرصاص؟ على الفرح؟ على الأمل بسنة جديدة؟ ألم نعد في لبنان نعرف كيف نعلن فرحنا أو أملنا بسنة جديدة أفضل إلا بإطلاق الرصاص عليها؟ في أحد الأعراس في لبنان، أطلق أحدهم الرصاص الاحتفالي فأصاب العريس وقتله، وأصاب البعض من الطائرات، كما صرح بذلك الأستاذ محمد الحوت رئيس شركة الطيران اللبناني (الميدل إيست).
في المقابل، قرأت أنهم في الأردن منعوا هذه العادة الذميمة تحت طائلة العقاب، وهذا فعل حضاري. منذ وصولي إلى باريس، لم أسمع صوت إطلاق رصاصة احتفالية، بل أصوات الألعاب النارية، فمتى نحتفظ برصاصنا للعدو؟
وهل يحرض إطلاق الرصاص في المناسبات (الاحتفالية) الفرح أم يقتله؟
منع التجول والإطار المناكد
كان عليّ العودة إلى بيتي الباريسي قبل السادسة مساء، وقت منع التجول، حين اختار إطار سيارتي مناكدتي، وكان عليّ تبديله بالإطار الاحتياطي السليم. وتذكرت المرحوم والدي الشامي العتيق، فقد قلت له ذات يوم منذ ألف عام: حصلت على شهادة تبيح لي قيادة السيارات، فقد صار عمري 18 سنة وسأشتري سيارة صغيرة بالتقسيط من راتبي.
قال لي: سأساعدك في دفع ثمن السيارة، بل وأسدده بأكمله شرط أن تتعلمي كيف تقومين بتغيير (الدولاب) إذا انفجر في مكان ما.
وهكذا كان. وشكراً للمرحوم أبي، إذ ما كاد دولابي (يتوفى) حتى قمت بما ينبغي من رفع السيارة وفك (براغي) الإطار المثقوب تمهيداً لتبديله.
وفوجئت بالعديد من السيارات المارة تتوقف ويعرض قادتها مساعدتي. ودهشت لأنه حتى اليوم بعد انقضاء حوالي نصف قرن على مطالبة المرأة بحقوقها والحصول على معظمها، ما زال ثمة من لا يثق بقدرتها حتى على تبديل دولاب سيارة.
وتذكرت المرحوم والدي. كان يمكن لدولاب السيارة أن يثقب في زقاق مقفر ولا أجد من يساعدني.. وعلمني من يومها درساً في الاعتماد على نفسي.
في المقابل، (دللت) نفسي هذه المرة وتركت أحد المتبرعين لتبديل دولاب السيارة يقوم بذلك، وأنا أثرثر مع زوجته، ولكنني وعيت من جديد عدم ثقة الرجل بقدرات المرأة في كوكبنا كله!
وسوم: العدد 914