ثلاثي لابدّ منه لأيّ شعب : الحكم الصالح ، والقانون الصالح ، والحرّية المنضبطة !
يتحدث كثيرون عن الحرّية ، ويطلبها كثيرون .. لكن ؛ عن أيّة حرّية يتحدّث المتحدّثون؟ وبأيّة حرّية يطالب المطالبون ؟
أهي الحرّية المنفلتة ، من كلّ ضابط قانوني أو خلقي ؟ لانحسب أحداً يقول ذلك ؛ وإلاّ لأكل الناس بعضُهم بعضاً ، باسم الحرّية : كلّ منهم يصرخ : أنا حرّ، أفعل ما أشاء !
لا بدّ ، إذن ، من ضوابط للحرّية ، تضبطها ، وتحدّد إطارها ، الذي يحمي الناس بعضهم من بعض : يحمي أنفسهم وأخلاقهم وأرزاقهم !
فمن يضع ضوابط الحرّية للناس ، في الوطن الواحد ؟ إنه الناس أنفسهم ، بحسب الأصل، عبر مؤسّساتهم التي يختارونها !
لكن ، مَن يحمي الحرّية وضوابطها ، من التجاوز والانتهاك ؟
إنه الحُكم الصالح ! وأهمّ عنصر، من عناصر الحكم الصالح ، هو العدل !
العدل : قد يكون اختيارياّ ، مرتبطا بمزاج الحاكم .. وقد يكون إلزامياً ، يُجبَر الحاكم على التقيّد به !
والعدل الإلزامي ، الذي يُجبر الحاكم على التقيّد به ، وهو المطلوب لسياسية البشر، هو الذي يكون الالتزام به ، نابعاً من خوف دنيوي ، أو أخروي !
أمّا الخوف الأخروي ، فخاصّ بالمؤمنين ، الذين يخافون عواقب الظلم ، والمحاسبة عليه يوم القيامة !
وأمّا الخوف الدنيوي ، فهو الذي يفهمه سائر الناس ، ويطالبون به !
فالحاكم الذي لايخاف من عواقب الظلم ، يفعل مايحلو له ، وما يراه حقّاً له ، أو مناسباً لمصالحه وأهوائه !
والقانون الذي يضعه الحاكم الظالم ، إنّما يضعه ليحقّق مآربه به !
والحرّية التي يسمح بها الحاكم الفرد الظالم ، إنّما يسمح بما يوافق أهواءه ومصالحه منها !
إذن ؛ لابدّ من وجود الثلاثي معاً: الحرّية المنضبطة ، والقانون الصالح ، والحاكم الصالح.. وغياب واحد منها يفسد الحياة الإنسانية ، في أيّ مجتمع أو دولة !
وسوم: العدد 921