(إحدى الفاضِحات عشية مهزلة الانتخابات)
الذكرى السنوية التاسعة لمجزرة الحُولَة
لا يمكن لأيٍ من أصحاب الضمائر الإنسانية الحيّة، إلا أن يتفاعلَ إيجابياً، مع ما جرى وما يزال يجري في سورية الشام.. سورية التي لقّنت، على مَرّ التاريخ البشريّ، كلَّ الطغاة الذين حاولوا إهانتها.. لقّنتهم دروساً ما تزال الأجيال الإنسانية تُشبِعها دراسةً وتحليلاً واستنباطاً، فصارت دروس الحرية في تاريخ سورية، منارةً لكل شعبٍ يتوق إلى التحرّر من العبودية والذلّ والاضطهاد والظلم!.. وحين نامت الشام أو نُوِّمَت، عن كبريائها وحقّها في الحياة الحرّة الكريمة.. نامت كل القِيَم الإنسانية للضمير البشريّ، الذي أصبح ضميراً مستَتِراً مُخَدَّراً بالهرطقة الميكيافيلية الخبيثة، التي تهبط بالنفس الإنسانية إلى مهبط الصُمّ البُكم العُمي الذين لا يعقِلون!..
مجزرة الحُولة في ريف حمص، التي ارتكبتها العصابات الطائفية النصيرية والمجوسية التابعة لمجرم المجوس صاحب المزعوم فيلق القدس (قاسم سليماني) فضحه الله، بتاريخ 25 أيار من عام 2012م، ارتُكِبَت ذبحاً بالسكاكين والفؤوس، فأودت بحياة (49 طفلاً) و(32 امرأةً) و(27 رجلاً) من المسلمين السوريين، سعياً وراء تنفيذ المخطط النصيري المجوسي الصهيوني، للتغيير الديموغرافي في سورية. التي تعيش المأساة منذ عشر سنوات.
إنّ مجزرة الحُولَة وما سبقها وما لحقها من مئات الجرائم والمجازر، معقودةٌ على الحبل الإجراميّ نفسه، الممتد منذ أن اجتاحت دبّابات الطائفيين في عام 1964م جامعَ السلطان في قلب حماة، فسحقت أكثر من خمسين مسلماً حموياً آووا إلى حرمة مسجدهم ومحرابهم وصلاتهم، وأحالت المسجدَ الشريفَ إلى ركام!..
ومنذ أن صحت الشام ذات صباحٍ على هلوسة (أسطورة آدم)، التي اقترفها الطائفيّ الملحد وأحد مؤسّسي حزب الثامن من آذار (زكي الأرسوزي)، على صفحات مجلة (جيش الشعب) الرسمية!..
ومنذ أن اقتحمت قوّات الحرس القوميّ لحزب البعث الحاكم في عام 1965م الجامعَ الأمويَّ في قلب دمشق، فدمّرت ما دمّرته من الجامع الشامخ، وقتلت وجرحت واعتقلت المئات من روّاده، الذين حموه بصدورهم وقلوبهم!..
ومنذ أن دنّست دبّابات الجيش (التقدّميّ البعثيّ) جامعَ خالد بن الوليد في قلب حمص، وانتهكت حُرمتَه، وضمّخت بهمجيّتها وقارَ البطل الفذّ الذي ضمّه ثرى الجامع الشريف!..
ومنذ أن أشرقت شمس سورية ذات نهار، لتصطدم بوقاحة السافل (إبراهيم خلاص) في عام 1967م، الذي دعا على صفحات مجلةٍ حزبيةٍ حكوميةٍ رسمية، إلى (وضع الله -جل جلاله- والأديان.. في متاحف التاريخ)!..
ومنذ أن أرّقت قوّات المجرمَيْن (علي دوبا) و(رفعت أسد) في عام 1980م ليلَ عاصمة الأمويين، بمداهمة جوامعها ومساجدها في ساعةٍ متأخرةٍ من الليل، فعاث الطائفيون فيها فساداً، ومزّقوا المصاحفَ وداسوها ببساطيرهم العسكرية، وسرقوا محتوياتها!..
مجزرة الحُولَة وما سبقها وما لحقها من مئات الجرائم والمجازر، وُلِدَت من رحم مجزرة حماة الكبرى، التي ارتكبتها قوّات (حافظ أسد) في عام 1982م، فقتلت أربعين ألفاً من سكانها، وأبادت أكثر من نصف المدينة وثمانيةً وثمانين مسجداً وأربع كنائس!..
مجزرة الحُولَة استُنبِتَت، في سجن تدمر الصحراويّ، الذي ما تزال تتردّد في جنباته، تكبيرات أرواح آلاف المظلومين الذين قُتِلوا واغتيلوا فيه، واستغاثاتهم التي تشكو إلى الله وحده، ظلمَ الظالمين وتقاعسَ المتقاعسين!..
مجزرة الحُولَة خُطِّطَ لها ولأخواتها منذ أن استقوت حثالات الأسديّين على نساء سورية المحجّبات وفتياتها في عام 1981م، في شوارع دمشق، لتمزيق حجابهنّ الإسلاميّ بالقوّة جهاراً نهاراً!..
* * *
منذ أكثر من خمسين عاماً، ما تزال المشاهد حيّةً في ذاكرة السوريين المتوارَثة عبر الأجيال، إذ ما يزال يُقتَرَف المزيد من القمع والاضطهاد والاستهتار بحقوق الإنسان السوريّ، فكانت مجزرة الحُولَة موصولةً بالمجازر اليومية التي يقترفها أوباش النصيرية وحثالات خامنئي وحسن نصر الفُرس، مروراً بمجازر تدمر ومشارقة حلب وجسر الشغور.. وأخواتها، ثم إلى كل مترٍ مربّعٍ من أرض سورية الطاهرة الثائرة اليوم!..
تمرّ ذكرى مجزرة الحُولَة، عشية أكبر مهازل التاريخ، وأشدّها سفالةً ووضاعَةً ونذالة، هي مهزلة انتخاب السفّاح المجرم الإرهابيّ، ابن السفّاح المجرم المقبور، ضمن عبثيةٍ نصيريةٍ مجوسيةٍ روسية، تطلب من المقتول أن ينتخِبَ القاتل، الذي ما يزال يعيث في سورية فساداً وإجراماً.
* * *
ما الذي فعله سلوبودان ميلوسوفيتش أو شاوشيسكو أو بوكاسا أو بينوشيه، أو أمثالهم من طغاة العصر، نسبةً إلى ما اقترفه هذا النظام السوريّ السفّاح طوال أكثر من خمسة عقودٍ من عمر سورية؟!.. فلماذا يصمت هذا العالَم المنافق، الذي يُسمّي نفسَه بالعالَم الحرّ.. على الفظائع التي يرتكبها هؤلاء السفّاحون الأسديّون الساديّون الطائفيّون؟!..
لماذا عاد قلب المجرم الجنرال (غورو) لينبضَ في شرايين المجرم (بوتين)؟!..
ما سرّ هذا الاستهتار بشرف الثورة السورية الحرّة والشعب السوريّ المجاهد، في نظر بعض القيادات الإسلامية المأزومة، التي باتت ترى بعيونها البيض وبصيرتها المظلمة، أنّ الشام المحتلة هي غير فلسطين المحتلة؟!..
هل يستطيع العالَم كله، بِغَربه المنافق، وشرقه الأصمّ، وبعض القيادات الإسلامية والقومية، وأنظمة حكمه العمياء، وأجهزة إعلامه الداجنة.. هل يستطيع كل هؤلاء أن يقفوا بوجه المرجل الشعبيّ السوريّ، حين يصل صدى دويّ انفجاره إلى قطبي الأرض الشماليّ والجنوبيّ، ويكتسح كلَّ ما بطريقه من خَبَثٍ وذُلٍ وقهرٍ وتواطؤٍ ونذالةٍ وانعدامٍ للمروءة.. واحتلالٍ وتآمرٍ وطغيانٍ وباطل.. وكلَّ أوكارِ الشياطين الخُرس ودجّالي التصريحات الاستفزازية، التي تربت على أكتاف القتلة الفجرة مُحتلّي الشام، من أعداء الله ورسوله والمسلمين؟!.. هل يستطيع؟!..
وسوم: العدد 930